اهتمت مصر بالمشروعات الصغيرة ، ودعمت بإرادة سياسية ثقافة ريادة الأعمال وعملت على نجاح آلاف المشروعات في كافة المجالات، حتى أنها أنشأت جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 947 لسنة 2017، ليكون هو الجهة المعنية بتنمية و تهيئة البيئة التشريعية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الاعمال فى مصر ، وانشئ الجهاز ليحل محل الصندوق الاجتماعي للتنمية المنشأ عام 1991 والذى يُعد نتاجاً تنموياً لـ 32 عاماً من الخبرات التنموية الشاملة متعددة المجالات واستطاع الجهاز أن يحدد استراتيجيته وخريطة طريق تحافظ على تمسكه وقوة أداءه كمؤسسة مصرية تنموية وطنية تعمل بمفهوم مؤسسة دولية علي ارض مصرية.
وللحق فإن مصر كانت لها رؤية ثاقبة في هذا المحور الاقتصادي، لأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعتبر أحد الأعمدة الأساسية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي دولة، إذ تساهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة الاقتصادية وفي مصر تمثل هذه المشروعات حجر الزاوية في استراتيجية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، التي تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. وفي هذا السياق، لعبت الحكومة المصرية دورًا حيويًا في دعم هذه المشروعات من خلال سياسات وبرامج مبتكرة تساعد على تحفيز الاستثمار وتوفير بيئة مناسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
واهتمت الحكومة المصرية بتطوير القطاع غير الرسمي، وهو ما يمثل حجمًا كبيرًا من المشروعات الصغيرة في مصر، وذلك من خلال إدخال هذه المشروعات إلى الاقتصاد الرسمي من خلال إنشاء مراكز ريادة الأعمال التي تقدم الدورات التدريبية وورش العمل لتأهيل أصحاب المشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى توفير الاستشارات القانونية والمالية، والتوجيه نحو كيفية الاستفادة من التمويل و التوسع في أسواق جديدة.
كما عملت الحكومة على تحفيز الابتكار وتشجيع رواد الأعمال على إطلاق مشاريعهم الخاصة من خلال الاستفادة من الدعم التكنولوجي، بما يساهم في تحسين الإنتاجية و زيادة القدرة التنافسية لهذه المشروعات في السوق المحلي والدولي.
ولا شك أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي المحرك الرئيسي لأي اقتصاد يعتمد على الابتكار والمرونة فهي تشكل ما يقرب من 90% من الشركات العاملة في مصر وتوفر نسبة كبيرة من فرص العمل، حيث تعتبر هذه المشروعات مصدرًا رئيسيًا لتوظيف الشباب، الذين يمثلون أكثر من 60% من السكان، كما أنها تلعب دورًا بارزًا في تنشيط الأسواق المحلية، من خلال توفير منتجات وخدمات تلبي احتياجات المستهلكين بأسعار تنافسية.
أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تعتبر شريكًا رئيسيًا في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تقديم منتجات محلية وتسويقها على مستوى الداخل والخارج، بالإضافة إلى تحفيز الابتكار وتطوير القطاعات المختلفة .
وعملت الحكومة على وضع عدة سياسات وبرامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تحسين بيئة الأعمال، وتقديم التسهيلات المالية والفنية، وتوفير الدعم التقني لرواد الأعمال.
والحقيقة أن الحكومة المصرية لم تدخر جهداً لتشجيع المشروعات الصغيرة على النمو والتوسع، مثل تطوير البنية التحتية في مختلف المناطق الصناعية والتجارية. حيث خصصت مناطق صناعية مجهزة لتسهيل العمل على هذه المشروعات، وتوفير خدمات لوجستية و تجهيزات عالية الجودة للمنتجات المحلية.
بالإضافة إلى تحفيز التوسع في التجارة الإلكترونية من خلال تقديم الدعم في مجالات التسويق الرقمي، وإقامة منصات إلكترونية لعرض المنتجات والخدمات، مما يسهل الوصول إلى أسواق جديدة محليًا وعالميًا.
وكان من أبرز المبادرات التي قدمتها الحكومة المصرية في هذا السياق مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. حيث خصص البنك المركزي نحو 200 مليار جنيه لدعم هذه المشروعات في مختلف القطاعات، مع تقديم قروض ميسرة بفائدة منخفضة، تصل إلى 5% فقط، بالإضافة إلى فترات سداد طويلة.
كما أطلق البنك المركزي أيضًا العديد من البرامج الخاصة لدعم المشروعات في القطاعات الحيوية مثل الصناعات الصغيرة والزراعة والتكنولوجيا. ويمثل هذا الدعم خطوة كبيرة نحو تحقيق الشمول المالي وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.
وكان لرؤية مصر تجاه هذا المحور الهام ردود أفعال دولية ايجابية، حيث أشارت منظمة العمل الدولية الي تنامي إدراك مصر بأهمية المشروعات المتوسطة والصغيرة، وأوضح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر يعد من أهم الأجهزة الحكومية المعنية ببرامج سوق العمل النشط وتهيئة المناخ المواتي لتنفيذ المشروعات وتحفيز المواطنين على الدخول لسوق العمل ونشر ثقافة ريادة الأعمال.
وأعربت الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر عن فخرها بالشراكة مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ومشاركته نفس الهدف، لتحقيق التنمية وخلق فرص عمل، مؤكدة أن دعم تلك المشروعات يشكل العمود الفقري للاقتصاد والمصدر الرئيسي للابتكارات وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة .
حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها السياسية وجيشها العظيم من كل سوء.
بقلم: م. أحمد عبدالوهاب
المستشار الاقتصادي