أكد هيثم الغيص الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، أن العالم سيحتاج إلى استثمارات هائلة تتجاوز 18.2 تريليون دولار في قطاعي النفط والغاز حتى عام 2050 وذلك لضمان تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في العقود المقبلة.
وأوضح الغيص أن الطلب على النفط سيواصل الارتفاع خلال السنوات القادمة، متوقعا أن يصل إلى 123 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050، مشددا على أنه لا توجد مؤشرات حقيقية على بلوغ ذروة الطلب في المستقبل القريب كما يروج بعض المحللين في الغرب.
وجاءت تصريحات الغيص في مقابلة خاصة مع منصة “اتصالات الطاقة” (Energy Connects) على هامش فعاليات معرض ومؤتمر أديبك 2025 الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي والذي يُعد أحد أبرز التجمعات العالمية في قطاع الطاقة، حيث يجمع قادة الصناعة والمستثمرين والخبراء من مختلف الدول لمناقشة مستقبل الطاقة والانتقال العادل نحو الحياد الكربوني.
وقال الأمين العام لأوبك إن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحا في الرؤية العالمية حول مستقبل الطاقة، داعيا إلى ضرورة تبنّي نهج متوازن يحقق التوافق بين الاستثمار في مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز وبين تسريع تطوير مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.
وأضاف أن الاقتصار على دعم مصادر الطاقة المتجددة دون الاستثمار الكافي في النفط والغاز “سيؤدي إلى اضطرابات خطيرة في إمدادات الطاقة العالمية” وارتفاع الأسعار وهو ما قد ينعكس سلبا على النمو الاقتصادي العالمي.
أمين منظمة أوبك: التوازن بين المصادر هو الحل
وأشار أمين منظمة أوبك إلى أن قطاع الطاقة العالمي يواجه تحديا مزدوجا يتمثل في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة من جهة وخفض الانبعاثات الكربونية من جهة أخرى، موضحا أن منظمة أوبك وشركاءها في تحالف “أوبك+” يواصلون العمل من أجل تحقيق هذا التوازن الصعب، مؤكدا أن التحالف “لا يزال متماسكا وفعالا” وأن التنسيق بين الدول المنتجة أسهم بشكل كبير في استقرار الأسواق النفطية خلال السنوات الماضية رغم التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية.
وأضاف أن “أوبك+” أثبتت قدرتها على إدارة المعروض النفطي بمرونة عالية واستطاعت عبر القرارات الجماعية أن تحافظ على توازن السوق، سواء في فترات الركود أو الازدهار، مشددا على أن التعاون المستمر بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء هو “الضمانة الحقيقية لاستقرار سوق النفط على المدى الطويل”.
وركز الغيص على تعزيز شراكات الطاقة بين دول الجنوب، معتبرا أن التعاون بين الدول النامية والغنية بالموارد الطبيعية يمثل “أحد المفاتيح الأساسية لضمان أمن الطاقة العالمي” وقال إن العديد من دول الجنوب تمتلك إمكانيات هائلة في مجالات النفط والغاز والمعادن والطاقة المتجددة، إلا أنها بحاجة إلى التمويل والتكنولوجيا الحديثة لتطوير بنيتها التحتية وتحقيق الاستفادة القصوى من مواردها.
وأشار إلى أن تحالفات الجنوب – الجنوب يمكن أن تشكل نموذجا ناجحا للتعاون القائم على المنفعة المتبادلة، بعيدا عن التبعية الاقتصادية، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الدول النامية جراء ارتفاع تكاليف الاستثمار واشتداد المنافسة العالمية على التمويل الأخضر.
التحول في قطاع الطاقة يحتاج إلى نهج عادل
وفي ختام مؤتمر أديبك 2025، شدد وزراء الطاقة المشاركون على أهمية اعتماد نموذج عادل لانتقال الطاقة، يأخذ في الاعتبار الفوارق التنموية بين الدول المتقدمة النامية وأكدوا أن تحقيق العدالة في هذا التحول يتطلب توزيعا منصفا للتكاليف والفرص، بحيث لا تتحمل الدول الفقيرة أعباء إضافية تؤثر في نموها الاقتصادي أو في قدرتها على توفير احتياجاتها الأساسية من الطاقة.

