أعلنت شركة أوبن إيه آي (OpenAI) عن نيتها إطلاق محرك بحث جديد تحت اسم أطلس (Atlas)، ليكون أول منافس حقيقي لمحرك البحث العملاق جوجل منذ أكثر من عقدين في خطوة وصفت بأنها الأكثر جرأة في تاريخ الذكاء الاصطناعي التجاري.
ويأتي هذا الإعلان في إطار توسع الشركة الأمريكية في سوق البحث الذكي القائم على الذكاء الاصطناعي التفاعلي، الذي لم يعد يعتمد فقط على عرض النتائج، بل على فهم نية المستخدم وتقديم الإجابة النهائية مباشرة.
بعد النجاح الكبير الذي حققته أوبن إيه آي (OpenAI) مع تشات جي بي تي (ChatGPT)، بدأت الشركة في تحويل خبرتها إلى مجالات جديدة، أبرزها البحث الذكي.
فبينما تعتمد محركات البحث التقليدية مثل جوجل على فهرسة المواقع وترتيبها حسب الروابط والكلمات المفتاحية، يعمل “أطلس” بأسلوب مختلف تمامًا، إذ يستخدم نماذج اللغة التوليدية لفهم السؤال وتحليل نية المستخدم، ثم يولّد إجابة مباشرة مدعومة بالمصادر.
مصادر من داخل أوبن إيه آي (OpenAI) أشارت إلى أن أطلس (Atlas) لن يكون مجرد نسخة من ChatGPT مدمجة في محرك بحث، بل نظامًا مستقلا قادرا على جمع المعلومات من الويب في الوقت الفعلي وتحليلها وتقديمها في صورة ملخصات دقيقة مدعومة بالروابط، ما يجعله أكثر تفاعلية وذكاءً من أدوات البحث الحالية.
يعتمد “أطلس” على أحدث نسخة من نموذج GPT-5، وهو الجيل الأحدث من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية التي طورتها أوبن إيه آي (OpenAI) ويتوقع أن يستخدم النظام مزيجا من تقنيات الفهم الدلالي (Semantic Search) وتحليل السياق المتعدد لتقديم نتائج أكثر دقة وتخصيصًا.
كما أشارت تقارير تقنية إلى أن أوبن إيه آي (OpenAI) تعمل على دمج خاصية الصوت والصورة والفيديو داخل تجربة البحث، بحيث يمكن للمستخدم أن يطرح سؤاله صوتيا أو عبر صورة ويحصل على نتائج فورية تدمج النص والتحليل البصري في آنٍ واحد، هذا التطور يعني أن البحث لم يعد مقتصرا على الكلمات فقط، بل سيصبح تفاعليا ومتعدد الوسائط.
وتعد هذه الخطوة تحديًا مباشرا لشركة جوجل، التي تهيمن على أكثر من 90٪ من سوق محركات البحث العالمي لكن خبراء التقنية يرون أن أوبن إيه آي (OpenAI) تمتلك ما يمكن أن يحدث الفارق، خصوصًا بعد استثمار مايكروسوفت الضخم في الشركة ودمج تقنياتها في محرك Bing ونظام Windows Copilot.
ومن المتوقع أن يبدأ اختبار أطلس (Atlas) في نسخته التجريبية خلال الأشهر المقبلة، على أن يُتاح لاحقًا بشكل تدريجي للمستخدمين، مع تركيز أولي على نتائج البحث الإخبارية والمحتوى التعليمي والبحث العلمي.
الفارق بين أطلس (Atlas) وجوجل
الفرق الجوهري بين النظامين يكمن في طريقة عرض النتائج، بينما يعرض جوجل قائمة روابط ومواقع تحتاج إلى تصفح يدوي، يقوم أطلس (Atlas) بقراءة تلك الروابط وتحليلها وتقديم الإجابة مباشرة للمستخدم وهو ما يجعل عملية البحث أكثر سرعة وفاعلية، خاصة للمستخدمين الذين يبحثون عن ملخصات دقيقة بدلًا من روابط متفرقة.
كما يعمل النظام على تحليل موثوقية المصادر تلقائيا، بحيث يُبرز المواقع الأكثر دقة ويستبعد المحتوى المضلل أو المكرر ويُتوقع أن تعتمد أوبن إيه آي على خوارزميات تعلم مستمرة لضمان تحسين النتائج بمرور الوقت.
يبدو أن “أطلس” ليس مجرد محرك بحث جديد، بل نقلة نوعية في مفهوم البحث الرقمي فبدلًا من أن يبحث المستخدم في صفحات الإنترنت، سيصبح النظام هو من “يبحث ويفهم ويستنتج”، تمامًا كما يفعل الإنسان.
هذا المفهوم يعكس الاتجاه العام لتطور الإنترنت نحو الذكاء التفاعلي (Interactive Intelligence)، حيث تتحول أدوات البحث إلى مساعدين شخصيين رقميين يعرفون المستخدم ويفهمون احتياجاته.
إطلاق محرك “أطلس” يفتح الباب أمام عصر جديد من البحث بالذكاء الاصطناعي، قد يغيّر الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع المعلومات على الإنترنت وإذا نجحت أوبن إيه آي (OpenAI) في تقديم تجربة أكثر دقة وشفافية من جوجل، فقد نشهد للمرة الأولى منذ سنوات طويلة منافسًا حقيقيًا يهدد عرش عملاق البحث العالمي.