تطورات إيجابية يشهدها في قطاع الطاقة الليبي خلال عام 2025، بعد أن أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن تحقيق اكتشاف نفطي جديد في حوض سرت ونجاح الاختبارات الإنتاجية للبئر الاستكشافي الجديد الذي نفذته شركة OMV النمساوية – فرع ليبيا ضمن منطقة العقد 106/4.
الاكتشاف النفطي يؤكد مجددا الإمكانات الكبيرة التي لا تزال تختزنها الحقول الليبية والتي تمثل ركيزة أساسية في مسار استقرار الاقتصاد الوطني وتعزيز الإيرادات العامة للدولة في ظل جهود متواصلة لإعادة هيكلة البنية التحتية النفطية وتطوير عمليات الاستكشاف والإنتاج.
تفاصيل الاكتشاف النفطي في حوض سرت
وفي بيان رسمي، أوضحت المؤسسة أن البئر B1 في منطقة العقد 106/4 أظهر نتائج مشجعة للغاية، حيث وصلت قدراته الإنتاجية إلى أكثر من 4200 برميل نفط يوميا، إضافة إلى أكثر من 2.6 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.
وقالت المؤسسة إن عمق البئر 10,476 يبلغ قدما تحت سطح الأرض وهو ما يعكس الطبيعة التقنية المتقدمة لعمليات الحفر والاستكشاف التي نفذتها الشركة المشغلة ضمن اتفاقية الاستكشاف ومقاسمة الإنتاج (إبسا) الموقعة في 2008 بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة OMV.
ويعد هذا الاكتشاف النفطي أول إنجاز استكشافي للشركة في المنطقة، مما يعزز من فرص توسيع أعمالها المستقبلية وتطوير مشاريع إنتاجية جديدة في القطاع الشرقي من ليبيا.
أهمية الاكتشاف النفطي للاقتصاد الليبي
يشكل الاكتشاف النفطي الجديد خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة ليبيا على خريطة الطاقة العالمية ويساهم في زيادة حجم الإنتاج الإجمالي من النفط الخام، الذي يشكل المصدر الرئيسي للإيرادات الوطنية.
الاكتشاف النفطي في حوض سرت يأتي في توقيت حساس يشهد فيه السوق العالمي تقلبات في أسعار النفط وتراجع الاستثمارات في مجالات الاستكشاف، ما يعطي ليبيا فرصة لتعزيز موقعها كمصدر مستقر ومضمون للطاقة نحو الأسواق الأوروبية والعالمية.
ويؤكد خبراء قطاع النفط أن نجاح شركة OMV في تحقيق هذا الاكتشاف النفطي يعكس البيئة الجيولوجية الغنية في حوض سرت، الذي هو من أكثر الأحواض النفطية إنتاجا في ليبيا، حيث يضم عددا كبيرا من الحقول والمكامن التي شكلت العمود الفقري للصناعة النفطية الليبية منذ الستينيات.
الشراكات الدولية في مجال الطاقة
جاء الاكتشاف النفطي الجديد في إطار الشراكات الدولية التي تسعى المؤسسة الوطنية للنفط إلى تعزيزها مع كبريات الشركات العالمية، مثل OMV و”توتال إنرجي” و”إيني”، من أجل نقل التكنولوجيا المتقدمة وتطوير الكوادر المحلية وتوسيع عمليات الاستكشاف في مناطق جديدة داخل ليبيا.
وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط أن الاكتشاف الجديد يعكس جدوى التعاون الدولي القائم على الشفافية والمصالح المشتركة، مؤكدة مواصلة عملها في تبني نهج يضمن تطوير الموارد الطبيعية بطريقة مسؤولة مستدامة وتراعي المعايير البيئية والاقتصادية.
ويجري حاليا إعداد دراسة شاملة لتقييم الإمكانات الكاملة للبئر الجديد، تمهيدا لربطه بالشبكة الإنتاجية في أقرب وقت ممكن ومتوقعأن تبدأ المؤسسة، بالتعاون مع الشركاء الأجانب، في تنفيذ خطة تطوير متكاملة تشمل مرافق معالجة وتخزين ونقل النفط الخام لضمان الاستفادة القصوى من الإنتاج وتحسين الكفاءة التشغيلية.
وإذا أثبتت الدراسات الجارية الجدوى التجارية للاكتشاف، سوف يكون البئر نقطة انطلاق لحفر آبار أخرى مجاورة داخل منطقة العقد نفسها، مما يرفع حجم الإنتاج في حوض سرت بشكل كبير خلال العامين القادمين.
حوض سرت ودوره في دعم الإنتاج الليبي
يعتبر حوض سرت من أقدم وأغزر الأحواض النفطية في ليبيا بدأ إنتاجه منذ أوائل الستينيات وأسهم في تصدير أول شحنة من النفط الخام الليبي إلى الأسواق العالمية.
حوض سرت يمتد على مساحة واسعة من الأراضي الليبية الوسطى وتعمل فيه العديد من الشركات المحلية والعالمية التي تساهم في إنتاج مئات الآلاف من البراميل يوميا.
ويتضمن الحوض عددا من الحقول الشهيرة مثل الواحة، زلتين، المبروك والظهرة، التي تمثل الركائز الأساسية في إنتاج النفط الليبي، فضلا عن احتوائه احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي الذي يجري العمل على تطويره لتوليد الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود السائل.
تحديات قطاع النفط في ليبيا
يواجه قطاع النفط في ليبيا تحديات متعددة، من أبرزها الحاجة إلى تحديث البنية التحتية القديمة وتأمين المواقع الإنتاجية في بعض المناطق التي تشهد توترات أمنية من وقت لاخر.
وتعمل المؤسسة الوطنية للنفط على معالجة مشكلات التمويل والصيانة التي تراكمت على مدى السنوات الماضية نتيجة لتوقف بعض المشاريع وتأخر عمليات التطوير.
وتعكس الخطوات الأخيرة التي تتخذها الحكومة بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط رغبة حقيقية في إعادة بناء قطاع الطاقة وتوفير بيئة استثمارية جاذبة تضمن استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية ورفع معدلات الإنتاج.
ويشير خبراء اقتصاد إلى أن الاكتشاف الجديد في حوض سرت يمثل مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي في ليبيا، خاصة إذا ما ترافقت مع جهود مؤسسية لضمان الاستقرار السياسي وتحسين بيئة الأعمال.
ويتوقع أن تسهم الزيادة المحتملة في الإنتاج النفطي في دعم احتياطيات النقد الأجنبي وتعزيز الميزانية العامة لليبيا، ما يسمح بتمويل مشاريع تنموية في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة والطاقة المتجددة.
ويمثل الاكتشاف النفطي الجديد في حوض سرت مؤشرا واضحا على أن ليبيا لا تزال تمتلك ثروات واعدة يمكن أن تفتح آفاقا اقتصادية جديدة إذا ما تم استغلالها بطريقة علمية حديثة.
ومع خطة المؤسسة الوطنية للنفط القائمة على الشفافية والتطوير المستدام، تظل الآمال كبيرة في أن يشكل هذا الاكتشاف النفطي خطوة إضافية نحو استعادة الدور الريادي لليبيا في صناعة الطاقة الإقليمية والعالمية.
هذا التقرير يأتي ضمن اهتمام موقعنا بمتابعة أخبار النفط والطاقة في ليبيا، خاصة التطورات الأخيرة التي أعلنتها المؤسسة الوطنية للنفط بشأن الاكتشاف النفطي الجديد في حوض سرت.
ويمثل قطاع النفط الليبي أكثر القطاعات الحيوية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، إذ تعمل شركات عالمية مثل OMV النمساوية وإيني الإيطالية وتوتال إنرجي الفرنسية على تنفيذ مشاريع استكشافية وتطويرية ضخمة في مختلف مناطق الإنتاج.
وتبرز حوض سرت النفطي كأحد أهم المراكز المنتجة في ليبيا، بفضل احتياطاتها الكبيرة من النفط الخام والغاز الطبيعي التي تشكل قاعدة أساسية لخطط التنمية المستدامة والطاقة المستقبلية في ليبيا.

