يعيش الاقتصاد الليبي خلال العامين الأخيرين حالة تحولات لافتة، بعد فترة من التقلبات الناتجة عن الظروف السياسية والمالية ففي وقت يعاني المواطن من ارتفاع الأسعار وضعف الخدمات، ظهرت مؤشرات جديدة دلت على بوادر انتعاش اقتصادي تدريجي خاصة في قطاعات النفط والطاقة والتجارة الداخلية.
وتشمل عائدات النفط العمود الفقري للاقتصاد الليبي بما يزيد عن 90٪ من الإيرادات العامة للدولة ومع حالة تحسن معدلات الإنتاج وارتفاع أسعار الخام عالميا، سجلت ليبيا زيادة ملحوظة في احتياطاتها النقدية وهذا التحسن أعاد الثقة نسبيا إلى السوق المحلي مما دفع بعض المستثمرين إلى التفكير مجددا في العودة إلى السوق الليبي.
في حين، تواجه ليبيا عدة تحديات على مستوى تنويع مصادر الدخل، إذ ما زالت بعض القطاعات غير النفطية ضعيفة وغير قادرة على المنافسة، مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، رغم إمكاناتها الضخمة، تحتاج لدعم حكومي واستقرار تشريعي لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.
ويوضح خبراء الاقتصاد أن الإصلاح المالي والإداري بمثابة الخطوة الأهم في المرحلة القادمة، مؤكدين ضرورة توحيد السياسات النقدية بين الشرق والغرب وضمان الشفافية في الإنفاق العام للدولة وتسهيل الإجراءات أمام القطاع الخاص.
خطوات التحول الرقمي في الاقتصاد الليبي
على الجانب المقابل، تعمل الحكومة الليبية على تحسين بيئة الأعمال من خلال التحول الرقمي وتسهيل الإجراءات عبر الإنترنت وهي خطوات بدأت فعليا تظهر في بعض القطاعات الخدمية، مثل الجمارك والمصارف.
ويؤكد محللون أن الاستقرار السياسي يعد العامل الحاسم في رسم مستقبل الاقتصاد في ليبيا، لأن أي اتفاق وطني شامل من شأنه أن ينعكس إيجابا على جذب رؤوس الأموال والاستثمار وعودة الشركات الأجنبية.
ووفقا تقارير اقتصادية، فإن ليبيا تمتلك فرصا ضخمة في مجال الطاقة المتجددة، خصوصا في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بسبب موقعها الجغرافي المميز وساعات الإشعاع الشمسي المرتفعة، كما أن الاستثمار في هذه المجالات يقلل من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل ويساهم في خلق فرص عمل جديدة لقطاع الشباب.
تطور الخدمات المصرفية في ليبيا
ويشهد قطاع الخدمات المصرفية حاليا تطورا ملحوظا نحو التحديث، مع سعي البنوك المحلية إلى إدخال خدمات الدفع الإلكتروني والتحويلات الرقمية وهو ما قد ينتج عنه تقليل التعاملات النقدية وتحسين الشفافية المالية داخل السوق المحلي في ليبيا.
وحسب خبراء اقتصاديون فإن الإصلاحات لن تحقق نتائج ملموسة ما لم يصاحبها تحسين مستوى المعيشة للمواطن، خصوصا في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على بعض السلع الأساسية، كما أن نجاح أي خطة اقتصادية يعتمد في المقام الأول على ثقة المواطن وإيمانه بالتغيير.
ويأمل المواطنون أن تشهد ليبيا خلال السنوات المقبلة مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي المستدام، ترتكز على الإصلاح والاستثمار وتنويع الموارد، بما يضمن حياة أفضل للمواطن الليبي واقتصادا أكثر توازنا واستقرارا وتنمية للمجتمع.

 
									 
					