في إطار جهود إعادة الانضباط إلى شوارع العاصمة طرابلس وتحسين المشهد الحضري، أطلق جهاز الحرس البلدي طرابلس، حملة ميدانية موسعة استهدفت إزالة الباعة المتجولين ومنع دخول الدراجات النارية إلى ميدان الشهداء، أحد أكثر الميادين الحيوية في قلب المدينة.
وقالت إدارة العلاقات والإعلام بجهاز الحرس البلدي، عبر صفحتها الرسمية، إن هذه الحملة تأتي ضمن خطة عمل متكاملة لتكثيف الجهود الميدانية وضبط المخالفات التي تؤثر سلبا على راحة المواطنين وتنظيم الحركة في المناطق العامة.
وأكدت الإدارة أن الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو «الحفاظ على النظام العام والحد من الفوضى التي تسببها بعض الممارسات غير القانونية في وسط المدينة»، مشيرة إلى أن وجود الباعة المتجولين بكثافة في الميادين العامة يشكل عائقا أمام حركة المارة والمركبات، فضلا عن تأثيره على نظافة المكان والمظهر العام للعاصمة.
أسباب حملة الحرس البلدي طرابلس
وتأتي هذه الحملة بعد تزايد الشكاوى من سكان طرابلس ورواد ميدان الشهداء بشأن انتشار الباعة المتجولين الذين يشغلون الأرصفة وممرات المشاة بشكل غير منظم.
كما أن دخول الدراجات النارية إلى الميدان تسبب في العديد من المخالفات وحوادث السير، إلى جانب الإزعاج الصوتي المتكرر الذي يشتكي منه سكان المناطق القريبة.
وأوضح مصدر من جهاز الحرس البلدي أن الحملة «جزء من خطة أشمل تشمل مراقبة الأسواق الشعبية والمناطق التجارية الكبرى، لضمان التزام الجميع بالقوانين البلدية».
وأضاف أن فرق الحرس البلدي ستواصل حملاتها خلال الأيام المقبلة، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، من أجل ضبط الوضع الميداني وتحقيق بيئة آمنة ومنظمة داخل العاصمة.
إزالة العربات المتنقلة والاكشاك
ومع انطلاق الحملة صباح السبت، شهد ميدان الشهداء انتشارا واسعا لدوريات الحرس البلدي، حيث بدأت الفرق بإزالة الأكشاك والعربات المتنقلة المنتشرة في أطراف الميدان.
وتم إيقاف عدد من الدراجات النارية المخالفة التي حاولت الدخول إلى المنطقة المركزية وتم تنبيه أصحابها بضرورة الالتزام بالقوانين الجديدة التي تمنع استخدام الدراجات في هذا النطاق الحيوي.
وقال مواطنون إن الخطوة «جاءت في وقتها»، مشيرين إلى أن انتشار الباعة العشوائيين كان يعيق الحركة ويؤثر على نظافة الميدان وقالوا: «نحن لسنا ضد الرزق، ولكن يجب أن تكون هناك أماكن مخصصة للبيع تحفظ النظام وتراعي راحة الناس».
خطة الحرس البلدي طرابلس لتنظيم الأسواق والباعة
وأكد مسؤول من جهاز الحرس البلدي أن الحملة ليست موجهة ضد الباعة المتجولين بحد ذاتهم وإنما تهدف إلى «تنظيم مواقعهم» وفتح قنوات قانونية لتخصيص أماكن بديلة في الأسواق المحلية أو المناطق التجارية المخصصة لذلك.
وأوضح أن الجهاز يعمل بالتنسيق مع المجالس البلدية في طرابلس الكبرى لدراسة حلول دائمة، تشمل إنشاء أسواق منظمة تستوعب الباعة غير النظاميين، ما يضمن استمرار نشاطهم ضمن إطار قانوني ومنظم.
وأشار المسؤول إلى أن الجهاز سبق أن وجه عدة إنذارات تحذيرية خلال الأسابيع الماضية قبل بدء الحملة، لإتاحة الفرصة أمام المخالفين لتصحيح أوضاعهم طوعا وأضاف أن «الالتزام بالنظام لا يعني التضييق على المواطنين، بل ضمان بيئة حضرية آمنة ونظيفة يستفيد منها الجميع».
ومنع دخول الدراجات النارية إلى ميدان الشهداء جاء ضمن سلسلة من الإجراءات الأمنية والبلدية الرامية إلى الحد من استخدام هذا النوع من المركبات في المناطق المزدحمة.
فقد تزايدت خلال الفترة الماضية الحوادث المرتبطة بالدراجات، سواء بسبب السرعة الزائدة أو الاستخدام غير القانوني داخل التجمعات السكانية والمناطق التجارية.
ويؤكد متابعون أن الخطوة تهدف أيضا إلى تعزيز الأمن داخل الميدان، خاصة أن بعض المخالفات الأمنية تم تسجيلها خلال العام الماضي باستخدام الدراجات النارية في التنقل غير المشروع أو المضايقات المرورية.
ويرى البعض أن القرار سيسهم في تحسين انسيابية الحركة داخل المنطقة المركزية للعاصمة، التي تشهد ازدحامًا متزايدًا خلال عطلات نهاية الأسبوع.
جهود مستمرة للحرس البلدي طرابلس
وأشار جهاز الحرس البلدي إلى أن هذه الحملة تأتي ضمن خطة مستمرة أطلقت منذ بداية العام الجاري تحت شعار «طرابلس مدينة نظيفة ومنظمة» وتشمل متابعة مستمرة للأسواق والمحال التجارية والباعة المتجولين.
وأوضح أن الجهاز يعمل بتنسيق مباشر مع وزارة الداخلية وجهاز الشرطة السياحية والبيئية لتوسيع نطاق الحملات، بهدف تطبيق اللوائح البلدية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
ودعا الجهاز المواطنين إلى التعاون والإبلاغ عن أي تجاوزات أو مخالفات تؤثر على النظام العام أو تشوه المظهر الحضري، مؤكدا أن الشراكة المجتمعية تمثل أحد أهم ركائز نجاح هذه الحملات.
ردود فعل إيجابية من سكان طرابلس
ولاقى إطلاق الحملة ترحيبا واسعا من سكان العاصمة، الذين أعربوا عن أملهم في استمرار الجهود وعدم اقتصارها على يوم أو يومين فقط.
وقال مواطنون من سكان وسط المدينة إن «تنظيف الميدان من الباعة العشوائيين سيعيد للمكان هيبته التاريخية كأحد أبرز معالم طرابلس».
ويرى المواطنون أن نجاح هذه الحملة سيفتح الباب أمام تطبيق إجراءات مماثلة في مدن أخرى، خصوصا في بنغازي ومصراتة وسرت، حيث تعاني المناطق التجارية من ظاهرة مشابهة.
وتؤكد الجهات الرسمية أن هذه الحملة تمثل بداية مرحلة جديدة من العمل الميداني الهادف إلى استعادة النظام العام وتحسين جودة الحياة في العاصمة.
وشددت إدارة الحرس البلدي على أن الهدف ليس العقاب، بل التنظيم وأن الجهاز سيواصل جهوده من أجل تحقيق بيئة آمنة ومنظمة تحترم القانون وتخدم المواطن قبل كل شيء.
وبهذه الخطوة، تدخل طرابلس مرحلة جديدة من السعي نحو مدينة أكثر تنظيما، في وقت تتجه فيه ليبيا بشكل عام إلى تعزيز مؤسساتها الخدمية وتحقيق التوازن بين الأمن والتنمية والاهتمام بالمظهر الحضري.

