خطوة جديدة يشهدها قطاع الرعاية الصحية في إنجلترا نحو دمج الذكاء الاصطناعي في الممارسات الطبية اليومية، مع بدء تجربة مبتكرة تهدف إلى تحسين سرعة ودقة تشخيص الكسور والخلوع في أقسام الطوارئ.
وهذه الخطوة تأتي ضمن رؤية أوسع تعتمد على استخدام التقنيات الذكية لتعزيز قدرات الطواقم الطبية وتخفيف الضغط المتزايد على المستشفيات، لا سيما في الفترات التي تشهد ارتفاعا في أعداد المراجعين.
المبادرة الجديدة، التي ستستمر لمدة عامين وتشمل مستشفيات تتبع مؤسسة نورذرن لينكولنشاير وغول التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، تعكس ثقة متزايدة في قدرة الذكاء الاصطناعي على دعم الأطباء في اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة.
ويأمل القائمون على التجربة في أن تسهم التكنولوجيا الجديدة في معالجة التحديات التي تواجه أقسام الطوارئ، خصوصا في تشخيص الإصابات التي قد تكون خفية أو معقدة.
تقنية تشخيصية تعزز سرعة اتخاذ القرار
وتعتمد المنظومة الجديدة على خوارزميات ذكاء اصطناعي تم تدريبها على ملايين صور الأشعة، ما يسمح لها باكتشاف إشارات دقيقة قد تشير إلى كسر أو خلع يحتاج إلى اهتمام فوري وتستخدم هذه الأداة كطبقة إضافية من المراجعة المساندة، بحيث يحصل الطبيب إلى جانب الصورة التقليدية على نسخة رقمية معالجة تنبهه إلى مناطق يُحتمل أن تحتوي على إصابة.
وأوضح الدكتور عبدول خان، استشاري طب الطوارئ، أن تجارب شمال أوروبا أثبتت فعالية واضحة لهذه النوعية من الأنظمة، حيث ساعدت الأطباء على الوفاء بالالتزامات الطبية وتقليل فترات الانتظار، مؤكدا أن فريقه متحمس لرصد نتائج التجربة الجديدة داخل المستشفيات البريطانية ومعرفة حجم التأثير الفعلي للتكنولوجيا على جودة الرعاية وسرعة التشخيص.
ووفق المؤسسة المشغلة، سيتم استخدام النظام فقط في الحالات التي يناسبها نموذج التشغيل، حيث لن يشمل الأطفال دون سن الثانية ولن يستخدم في عيادات المرضى الداخليين أو الخارجيين، كما لن يطبق في حالات تصوير الصدر أو العمود الفقري أو الجمجمة أو الوجه أو الأنسجة الرخوة ويهدف هذا التحديد إلى ضمان عمل التقنية ضمن نطاق يمكنها فيه تقديم أعلى معدلات الدقة.
وأوضح جيك بايتس، الأخصائي الممارس في الأشعة، أن الأداة لا تعد بديلا عن الخبرة الطبية، بل وسيلة مساعدة تقدم للطبيب إشارات أولية تساعده في فحص الصور بشكل منهجي، مضيفا أن القرار النهائي للتشخيص والعلاج سيبقى بيد الأطباء، ما يعزز التكامل بين الإنسان والتقنية.
دعم الكوادر الطبية في مواجهة ضغط الطوارئ
وتأتي هذه التجربة في وقت تواجه فيه المستشفيات البريطانية ضغطا كبيرا نتيجة ارتفاع أعداد المراجعين ونقص الكوادر في بعض التخصصات الحساسة وتعد تقنية الذكاء الاصطناعي وسيلة فعّالة لتسريع سير العمل، حيث يمكن للأنظمة الذكية مسح صورة الأشعة خلال ثوانٍ معدودة، بينما قد يستغرق فحصها وقتا أطول في فترات الذروة.
ولا تقتصر فوائد التقنية على تقليل الوقت، بل تمتد لتقليل احتمال الخطأ البشري، خصوصا في الحالات الصعبة التي قد يكون فيها الكسر غير واضح أو في مواقع دقيقة ومع وجود نسخة معالجة من الصور، يصبح من السهل على الأطباء التحقق من أي مؤشرات تحتاج إلى متابعة.
وسوف تساعد التجربة في جمع بيانات مهمة حول سلوك التقنية في بيئة العمل الحقيقية، ما يسمح للجهات الصحية بتقييم جدوى تعميمها في باقي مستشفيات إنجلترا كما يمكن أن تفتح التجربة الباب أمام توسع مستقبلي في استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص أنواع أخرى من الإصابات والأمراض.

