في إطار التطورات الراهنة ومساعي إعادة الزخم للعملية السياسية في ليبيا، عقد النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة موسى فرج اجتماعات مهما مع نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية ستيفاني خوري وذلك بحضور عضو المجلس إبراهيم صهد، لمناقشة تطورات المشهد الليبي وسبل تفعيل خارطة الطريق الأممية الرامية إلى تحقيق الاستقرار الدائم في البلاد.
وخلال اللقاء، أكد فرج حرص المجلس الأعلى للدولة على مواصلة دعم جهود الأمم المتحدة في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السياسية، موضحا أن المجلس يرى في العملية السياسية في ليبيا الطريق الوحيد للخروج من حالة الانقسام التي تعاني منها البلاد منذ سنوات.
وأضاف أن المجلس يعمل بشكل متواصل مع جميع المؤسسات الوطنية والدولية لضمان الوصول إلى حل سياسي شامل يضمن وحدة ليبيا وسيادتها ويعيد الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
بعثة الأمم المتحدة تؤكد مواصلة دعم ليبيا
وخلال اللقاء، أشادت نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري بالروح الإيجابية التي أظهرها المجلس الأعلى للدولة تجاه الحوار السياسي، مؤكدة أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تتواصل باستمرار مع كل الفاعلين السياسيين من أجل استئناف العملية السياسية على أسس متفق عليها.
وأكدت خوري على أهمية التوافق بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي، باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين لأي اتفاق سياسي مستقبلي، موضحة أن البعثة تتابع باهتمام كبير الجهود المحلية نحو توحيد المؤسسات الليبية وإجراء انتخابات وطنية شاملة في أقرب وقت ممكن.
الاستقرار السياسي ودعم الحوار الليبي
كما تناول الاجتماع أيضا التحديات التي تواجه الاستقرار السياسي في ليبيا وعلى رأسها استمرار الانقسام المؤسسي والاختلاف حول القوانين الانتخابية.
وأكد الجانبان أن الحوار الليبي – الليبي يجب أن يكون الركيزة الأساسية لأي عملية سلام، بعيدا عن الإملاءات الخارجية، وأن الحلول المستدامة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مشاركة جميع الأطراف الليبية في صياغة مستقبل بلادهم.
ويعتبر المجلس الأعلى للدولة أحد أهم الأجسام السياسية المنبثقة عن اتفاق الصخيرات وقد لعب دورا محوريا في العملية السياسية في ليبيا منذ عام 2015، عبر مشاركته في الحوارات السياسية وتقديم المبادرات التي تهدف إلى تجاوز المأزق الدستوري والتنفيذي.
وذكر النائب الثاني أن المجلس مستعد لدعم أي مبادرة أممية أو محلية تحقق التوافق الوطني، مشددا على ضرورة أن تلتزم جميع الأطراف بروح الشراكة والشفافية.
نجاح العملية السياسية في ليبيا
وأوضح فرج أن نجاح العملية السياسية في ليبيا لا يقتصر على الجوانب السياسية فحسب، بل يتطلب أيضا إصلاحات اقتصادية وأمنية متوازية، بما في ذلك توحيد المصرف المركزي وتحسين إدارة الإيرادات ودعم برامج التنمية المحلية.
وأضاف أن الاستقرار الأمني يمثل الأساس لأي تحول سياسي ناجح، داعيا إلى تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت مظلة وطنية موحدة.
بعثة الأمم المتحدة تعمل على تجديد خارطة الطريق
فيما أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها تعمل على تحديث خارطة الطريق بما يتناسب مع المتغيرات السياسية الراهنة وتولي اهتماما خاصا بمسألة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بوصفها ركيزة أساسية لبناء مؤسسات شرعية دائمة.
وأضافت خوري أن البعثة تشجع على عقد لقاءات موسعة بين جميع القوى الوطنية، مشيرة إلى أن الحوار السياسي يجب أن يظل شاملا ومتوازنا لضمان تمثيل كل المناطق والتيارات في ليبيا.
ورغم مرور أكثر من عقد على بداية الأزمة، ما زالت العملية السياسية في ليبيا تواجه عقبات كبيرة، من بينها الخلاف حول القاعدة الدستورية وتوزيع السلطة بين الأقاليم.
ويرى متابعون أن استمرار جهود بعثة الأمم المتحدة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية، مثل المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي.
ويؤكد خبراء أن الوصول إلى تسوية شاملة يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الأطراف الليبية، واستعدادًا للتنازل من أجل المصلحة العامة.
المجلس الأعلى للدولة يدعو إلى توافق ليبي وطني
ودعا النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية، مؤكدا أن الحوار الليبي هو السبيل الوحيد لحماية البلاد من التدخلات الخارجية ومنع تكرار سيناريوهات الصراع.
وأكد أن المجلس سيواصل التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة لضمان تنفيذ الخطوات المتفق عليها ضمن خارطة الطريق الأممية وصولا إلى انتخابات نزيهة تعيد الشرعية للمؤسسات وتمنح الليبيين فرصة لاختيار قيادتهم بحرية.
مستقبل العملية السياسية في ليبيا
وأوضح محللون أن اللقاء الأخير بين المجلس الأعلى للدولة وبعثة الأمم المتحدة يمثل خطوة إيجابية نحو إحياء العملية السياسية في ليبيا، خاصة بعد فترة من الجمود السياسي الذي عطل العديد من المسارات الإصلاحية.
ويتوقع أن تسفر اللقاءات القادمة عن تفاهمات جديدة حول قانون الانتخابات وتوزيع المناصب السيادية، ما قد يفتح الطريق أمام مرحلة انتقالية أخيرة ينتج عنها استقرار دائم.
وتلعب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دورا حاسمًا في تيسير الحوار الوطني وتقديم الدعم الفني للمؤسسات الليبية.
وبهذا التعاون المستمر، تسعى البعثة إلى تعزيز الاستقرار السياسي في ليبيا وتشجيع الأطراف على الالتزام بالمسار الديمقراطي وبناء دولة مدنية قائمة على العدالة والمواطنة.
ويأتي اللقاء بين المجلس الأعلى للدولة وبعثة الأمم المتحدة في طرابلس في لحظة حساسة من عمر الأزمة الليبية ويعكس حرص الجانبين على استئناف العملية السياسية في ليبيا وتحقيق الاستقرار السياسي عبر الحوار الليبي الجامع، بعيدا عن التجاذبات ويضمن مستقبلا أكثر استقرارا ووحدة لكل مكونات الشعب الليبي.

