شهدت الأسواق الموازية في ليبيا اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 تغير ملحوظ في أسعار صرف الدولار والعملات الأجنبية مقابل الدينار الليبي وسط توقعات بتحركات جديدة من مصرف ليبيا المركزي تتعلق بالسيولة والإصلاح النقدي.
واوضحت بيانات من مكاتب الصرافة في طرابلس وبنغازي وزليتن أن العملة المحلية سجلت تحسنا طفيفا أمام الدولار واليورو، بعد أسابيع من التذبذب الذي طبع المشهد المالي الليبي نتيجة الضغوط السياسية والاقتصادية.
أسعار الدولار والعملات الأجنبية في السوق الليبي
ووفق ما نقلته صحيفة المشهد الليبي في متابعة حركة أسعار الصرف، فقد افتتح السوق الموازية تعاملاتها في العاصمة طرابلس عند:
الدولار الأمريكي: 7.445 دينار
في بنغازي: 7.44 دينار
في زليتن: 7.46 دينار
أما اليورو الأوروبي فبلغ 8.50 دينار، في حين وصل الجنيه الإسترليني إلى 9.65 دينار وسجل الدينار التونسي نحو 2.42 دينار والليرة التركية نحو 0.185 دينار والدينار الأردني نحو 10.65 دينار.
وتراجع سعر الجنيه المصري إلى 0.15 دينار ليبي، في حين شهدت أسعار الذهب والفضة تباينا بسيطا مع استقرار نسبي في الطلب داخل السوق المحلية.
ويرى اقتصاديون أن انخفاض أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار الليبي يعكس استقرارا مؤقتا في الطلب داخل السوق الموازية، بدعم من قرارات مصرف ليبيا المركزي الأخيرة بشأن إدارة السيولة وتوحيد السياسة النقدية.
وقال محللون في طرابلس إن “السوق تمر بمرحلة إعادة توازن بعد موجة مضاربات قوية شهدها شهر سبتمبر الماضي، تسببت في رفع الدولار إلى مستويات قاربت 7.6 دينار”.
وأضافوا أن الإجراءات الأخيرة للمصرف المركزي، مثل تقييد تحويلات الشركات غير المسجلة وضبط منظومة بطاقات الأغراض الشخصية، ساهمت في تقليص الطلب غير الحقيقي على النقد الأجنبي، ما دعم موقف الدينار أمام العملات الأجنبية.
أخبار المصرف المركزي الليبي وقرارات السيولة
ويعمل مصرف ليبيا المركزي على تنفيذ خطة إصلاح مالي من أربع مراحل، تستهدف ضبط منظومة الإنفاق العام وتوزيع السيولة على فروع المصارف التجارية بشكل أكثر عدالة، وفق ما نقلته صحيفة المشهد الليبي عن مصدر مطلع.
وتتضمن الخطة:
- رفع سقف السحب النقدي للمواطنين تدريجيًا خلال الربع الأخير من العام.
- إطلاق المرحلة الثانية من منظومة “راتبك لحظي” لتسهيل صرف المرتبات إلكترونيًا.
- إعادة هيكلة سعر الصرف الرسمي وفق آلية مرنة تراعي استقرار السوق.
- تحفيز استخدام القنوات المصرفية الرسمية بدلاً من السوق الموازية.
وأوضح المصرف أن السيولة النقدية متوفرة حاليا في أغلب المدن الليبية، بعد أن تم ضخ أكثر من 1.2 مليار دينار في فروع المصارف الكبرى خلال أكتوبر الجاري، منها 350 مليون دينار لمصرف الجمهورية و280 مليون دينار لمصرف الوحدة ومبالغ إضافية لمصارف التجارة والتنمية والتجاري الوطني.
سعر الدولار والسيولة في المصارف الليبية
ويربط خبراء اقتصاديون بين انخفاض سعر الدولار مقابل الدينار الليبي وازدياد مستوى السيولة في الجهاز المصرفي فكلما تحسّنت الثقة في المصارف وقدرتها على تلبية الطلب النقدي، يتراجع الإقبال على السوق السوداء، مما يخفف الضغط على أسعار العملات الأجنبية.
ويوضح الخبير الاقتصادي سالم الدرسي أن “استقرار سعر الصرف يحتاج إلى توازن بين العرض والطلب وهذا يتحقق فقط عبر انتظام صرف المرتبات وضبط التحويلات الخارجية”.
وأضاف أن الخطوة القادمة لمصرف ليبيا المركزي يجب أن تركز على توحيد سعر الصرف بين الرسمي والموازي، لأن الفجوة الحالية ما تزال تمثل تحديا أمام ضبط السوق.
توقعات سعر الدينار الليبي خلال الأسابيع المقبلة
وتشير التوقعات الأولية إلى أن الدينار الليبي قد يشهد مزيدا من التحسن خلال شهر نوفمبر 2025، في حال واصل مصرف ليبيا المركزي ضخ السيولة بنفس الوتيرة الحالية واستمر في مراقبة حركة السوق غير الرسمية.
ويتوقع الخبراء أن تنخفض أسعار الدولار إلى ما دون 7.40 دينار في حال تحسنت إيرادات النفط واستمرت التحويلات الحكومية المنتظمة للبلديات.
ولم تقتصر التحركات على العملات فقط، حيث شهدت أسعار الذهب والفضة في ليبيا بعض التغيرات، َ استقر سعر الذهب الكسر عيار 21 عند 799 إلى 805 دينارا للجرام، بينما بلغ سعر الذهب المسبوك نحو 710 إلى 720 دينارا للجرام، وبلغ سعر الفضة الكسر حوالي 10.30 دينار.
ويشير تجار الذهب إلى أن ارتفاع الطلب على المعدن الأصفر في الأسبوع الأخير من أكتوبر يعود إلى رغبة بعض المستثمرين في التحوّط من تقلبات سعر الصرف، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة بشأن السياسة النقدية المستقبلية.
مؤشرات السوق الموازية في ليبيا
ورغم أن مؤشرات السوق الموازية في ليبيا تعكس اتجاها إيجابيا، إلا أن مراقبين حذروا من التسرع في قراءة التحسن الحالي على أنه انتعاش دائم، فاستقرار الدينار مرتبط بعوامل متعددة، منها الوضع السياسي واستقرار الإنتاج النفطية وتوازن الإنفاق العام، إضافة إلى ثقة المواطنين في قرارات المصرف المركزي.
ويوضح المحلل المالي عمر الورفلي أن أي إصلاح اقتصادي حقيقي يجب أن يترافق مع تحسين الخدمات المصرفية الرقمية وتشجيع الدفع الإلكتروني للحد من تداول النقد خارج النظام المصرفي وهو ما يعزز السياسة الوطنية للسيولة ويخفف من الضغط على الدولار الأمريكي واليورو في السوق السوداء.
ويعكس انخفاض أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار الليبي اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بداية استقرار نسبي في السوق النقدية، مدعوما بإجراءات مصرف ليبيا المركزي في إدارة السيولة وتقييد التحويلات غير القانونية.
ومع استمرار الإصلاحات المالية والإدارية، تبدو الآمال كبيرة بأن تشهد ليبيا خلال الأشهر المقبلة تحسنا تدريجيا في سعر الصرف وعودة الثقة في النظام المصرفي، بما يمهد الطريق نحو تعافي اقتصادي حقيقي ومستدام.

