اختتمت بمقر ديوان مجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي، فعاليات المؤتمر العلمي الدولي حول العنف الرقمي ضد المرأة، الذي نظمه مكتب دعم وتمكين المرأة بجامعة بنغازي، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين والمختصين في مجالات علم الاجتماع والقانون وتقنيات الإعلام الرقمي.
وشارك في اليوم الختامي عدد من الشخصيات الرسمية، من بينهم عضو مجلس النواب السيدة عائشة الطبلقي ونائب القنصل المغربي بمدينة بنغازي، إلى جانب وفود من مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية عربية وشهد المؤتمر حضورًا لافتًا من باحثين يمثلون تونس والمغرب والجزائر وعدة دول أخرى، ما أضفى طابعًا علميا دوليا على الحدث الذي استمر على مدار ثلاثة أيام متتالية.
وناقش المؤتمر خلال جلساته العلمية سلسلة من الأوراق البحثية التي ركزت على استراتيجيات الحد من العنف الرقمي ضد المرأة ودور المؤسسات التعليمية والإعلامية في تعزيز الوعي الرقمي ومكافحة الظواهر السلبية التي تتعرض لها النساء في الفضاء الإلكتروني.
وتناول الباحثون قضايا متنوعة من بينها:
- دور التنشئة الاجتماعية في الحد من العنف الرقمي.
- أهمية الأمن السيبراني للمرأة في العالم الرقمي الحديث.
- الحماية القانونية والدستورية للنساء في مواجهة جرائم الإنترنت.
- الإطار الأخلاقي للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.
- التحديات التي تواجه الجهات الأمنية والقضائية في تتبع الجرائم الإلكترونية المرتكبة ضد النساء.
كما تم التطرق إلى العلاقة بين العنف الرقمي والابتزاز الإلكتروني وما يترتب عليه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية على الضحايا، خصوصا في ظل ازدياد استخدام المنصات الاجتماعية في الحياة اليومية.
مجموعة بحوث علمية تسعى لتقديم حلول واقعية
وفي اليوم الختامي، قدمت مجموعة من الدراسات التي اعتمدت على بيانات ميدانية وتحليل محتوى رقمي لرصد أشكال العنف الإلكتروني المنتشرة في المجتمع الليبي والعربي، مع اقتراح حلول عملية للحد منها.
وأكد المشاركون في أبحاثهم أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تعاونا مؤسسيا متكاملا بين الجامعات ووزارات التعليم والإعلام والداخلية والاتصالات، بهدف وضع سياسات وطنية تحمي النساء من الاستهداف الإلكتروني.
وأشار عدد من الباحثين إلى أن ضعف الثقافة الرقمية وغياب التشريعات الرادعة في بعض الدول العربية ساهم في اتساع دائرة الانتهاكات الرقمية ضد النساء، مطالبين بضرورة إدراج مفاهيم “الأمن الرقمي” و“المواطنة الرقمية” ضمن المناهج التعليمية منذ المراحل المبكرة.
مشاركات عربية في النقاش العلمي
وتميز المؤتمر هذا العام بمشاركة واسعة من باحثين من دول المغرب العربي، حيث قدم الوفد المغربي ورقة بعنوان “تحديات تطبيق القانون الجنائي في مواجهة العنف الرقمي”، بينما تناول باحثون من تونس موضوع “دور الإعلام الرقمي في تشكيل الوعي النسوي ضد العنف الافتراضي”.
أما الوفد الجزائري، فركز في مداخلاته على “الخصوصية الثقافية للمجتمعات العربية في فهم ظاهرة العنف الإلكتروني”، مؤكدين أن مواجهة هذه السلوكيات تحتاج إلى حلول تراعي البنية الاجتماعية والقيم المحلية لكل مجتمع.
ولاقت هذه المشاركات اهتماما كبيرا من الحضور، خصوصا وأنها عكست التجارب المختلفة للدول العربية في سن القوانين والتشريعات الرقمية وتطبيق سياسات الأمن السيبراني التي تضمن حماية المرأة من التهديدات والابتزاز على الإنترنت.
من جانبها، أكدت عضو مجلس النواب الليبي عائشة الطبلقي في كلمتها خلال الجلسة الختامية، أن البرلمان يدعم كل المبادرات التي تهدف إلى تمكين المرأة الليبية في الفضاء الرقمي، سواء من خلال التوعية أو التشريعات القانونية التي تجرّم العنف الإلكتروني.
وأضافت أن ظاهرة العنف الرقمي أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا لكرامة المرأة وأمنها النفسي والاجتماعي، مشيرة إلى أهمية التعاون بين السلطات التشريعية والجهات الأكاديمية لوضع أطر قانونية حديثة تتناسب مع تطور التكنولوجيا والوسائط الرقمية.
كما أشادت الطبلقي بالدور الذي تلعبه جامعة بنغازي ومكتب دعم وتمكين المرأة في تنظيم مثل هذه الفعاليات العلمية، التي تفتح المجال أمام نقاش وطني واسع حول التحديات الرقمية وتأثيراتها على المجتمع الليبي عامةً والنساء خاصةً.
وفي ختام المؤتمر، أقيمت مراسم تكريم لعدد من الشخصيات والمؤسسات التي ساهمت في إنجاح الحدث العلمي، حيث تم تكريم مديري الإدارات والمكاتب وموظفي ديوان مجلس النواب، تقديرا لجهودهم في التنظيم والدعم اللوجستي.
ونال الباحثون والمشاركون من مختلف الدول شهادات تقدير لما قدموه من أوراق علمية قيّمة ساهمت في إثراء النقاش الأكاديمي حول ظاهرة العنف الرقمي ضد المرأة.

