طفرة متسارعة يشهدها عالم التكنولوجيا في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي ولم يعد الأمر يقتصر على المحادثات النصية أو المساعدة في المهام اليومية، بل امتد ليصل إلى تكوين صداقات واقعية بين المستخدمين، أحدث الأمثلة على ذلك هو تطبيق 222 الذي جذب اهتماما واسعا بفضل طريقته المبتكرة في الجمع بين الأشخاص على أرض الواقع.
يعتمد تطبيق 222 على خوارزميات ذكاء اصطناعي تقوم بمطابقة الأشخاص وفقًا لاستبيانات شخصية شاملة تشمل القيم والاهتمامات والسمات الفردية بعد عملية المطابقة، يُدعى المستخدمون إلى لقاءات اجتماعية في أماكن مختلفة مثل المطاعم، المقاهي أو حتى جلسات اليوجا والمسرح. الهدف ليس مجرد التعارف الرقمي، بل اللقاء وجهًا لوجه وبناء علاقات إنسانية طويلة الأمد.
يشير مؤسسو تطبيق 222 إلى أن الهدف الأساسي هو مساعدة الناس على كسر عزلة الحياة الحديثة، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية تدفع الأفراد أكثر نحو العزلة ومن خلال هذه اللقاءات، يمكن للمستخدمين اختيار من يرغبون بالالتقاء بهم مجددًا أو استبعاد من لا ينسجمون معهم، ما يمنح التطبيق فرصة للتعلم وتحسين دقة المطابقات بمرور الوقت.
لم يأتِ ظهور هذه التطبيقات من فراغ، بل استجابة لمخاوف عالمية من تفاقم مشكلة الوحدة الاجتماعية، تقارير طبية في الولايات المتحدة أكدت أن الانعزال الاجتماعي قد يكون خطرًا على الصحة يعادل تدخين 15 سيجارة يوميًا، بل ويتجاوز تأثير السمنة وقلة الحركة، هذه الأرقام دفعت مطوري التطبيقات إلى البحث عن حلول مبتكرة تعيد للأفراد القدرة على التواصل الحقيقي بعيدًا عن الشاشات.
تجارب واقعية تلهم الآخرين
من بين قصص النجاح، تجربة الشابة “إيزابيلا إبستين” التي انتقلت إلى نيويورك عام 2021. ورغم محاولاتها عبر التطبيقات التقليدية والنوادي، ظلت تعاني من الوحدة حتى قررت خوض مغامرة التعرف على الغرباء في الشوارع والمقاهي لاحقًا، أطلقت تطبيقًا خاصًا بها باسم “Kndrd” يستهدف النساء تحت سن الأربعين، وحقق التطبيق انتشارًا واسعًا حيث يضم اليوم أكثر من 10 آلاف مستخدمة.
مستقبل التطبيقات الاجتماعية الذكية
لم يقتصر الابتكار على تطبيق 222 أو “Kndrd”، إذ ظهرت تطبيقات أخرى مثل “Timelift” و”Plutz” و”Realroots”، جميعها تسعى لإعادة بناء روابط اجتماعية قائمة على اللقاء الواقعي لا الافتراضي ويشير خبراء الاستثمار إلى أن النموذج الاقتصادي لهذه التطبيقات يختلف عن وسائل التواصل التقليدية، إذ أن مصلحتها الحقيقية تكمن في أن يلتقي الناس فعليا، لا أن يقضوا ساعات طويلة أمام الشاشات.
يبدو أن الذكاء الاصطناعي في طريقه إلى تغيير مفهوم العلاقات الاجتماعية بشكل جذري وبينما تظل التكنولوجيا مجرد وسيلة، فإن الهدف النهائي يبقى إعادة الإنسان إلى قلب التجربة، حيث اللقاء الحقيقي هو ما يمنح الصداقة قيمتها.