وقع جهاز مكافحة المخدرات الليبي مذكرة تفاهم مع إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA)، بهدف تعزيز التعاون الثنائي وتبادل الخبرات في مجال مكافحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، التي تعد من أخطر القضايا التي تهدد الأمن الوطني والإقليمي.
وجرى توقيع الاتفاق اليوم الخميس، بمقر المندوبية الليبية في القاهرة وبحضور عدد من المسؤولين الليبيين والأمريكيين، يتقدمهم عبدالمطلب إدريس تابث، مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية والمكلف بتسيير مهام سفارة ليبيا في مصر واللواء خالد المبروك عبدالنبي رئيس جهاز مكافحة المخدرات الليبي وجيسون شوماخر المدير الإقليمي لإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتمت مراسم توقيع الاتفاق في أجواء رسمية تؤكد حرص الطرفين على توطيد التعاون الدولي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، في وقت تتصاعد فيه مخاطر التهريب والجريمة المنظمة العابرة للحدود في المنطقة.
وجاء توقيع الاتفاقية ضمن استراتيجية شاملة تنتهجها وزارة الداخلية الليبية لتعزيز الأمن الوطني وحماية الشباب من أخطر التهديدات التي تواجه المجتمع وأبرزها انتشار المخدرات والمواد الممنوعة.
وخلال حفل التوقيع، أكد اللواء خالد المبروك عبدالنبي أن الاتفاق يمثل مرحلة جديدة من التعاون المؤسسي وأن الجهاز يسعى لبناء شبكة شراكات دولية فعالة تمكنه من مواجهة الجريمة المنظمة بأساليب حديثة، قائمة على تبادل المعلومات والتدريب الحديث.
وأضاف المبروك أن مكافحة المخدرات لم تعد مسؤولية محلية فقط، بل قضية دولية تتطلب تضافر الجهود وتبادل الخبرات بين الأجهزة الأمنية فب العالم، خاصة مع تنامي أنشطة العصابات الدولية وشبكات التهريب.
دعم رسمي للاتفاقية من الحكومة الليبية
ولاقت الاتفاقية بين ليبيا وأمريكا دعم مباشر من وزارتي الداخلية والخارجية الليبية، تأكيدا لاهتمام الحكومة بهذا الملف الحيوي الذي يمس أمن المجتمع وسلامته.
من جانبه، أشاد السيد عبدالمطلب إدريس تابث بالدور الهام الذي يلعبه جهاز مكافحة المخدرات الليبي في الحد من الجريمة المنظمة، مؤكدا أن هذا التعاون تكيمثل خطوة متقدمة نحو تأهيل الكوادر الليبية الأمنية وتزويدها بالمعرفة والخبرة اللازمة للتعامل مع التحديات الراهنة التي تفرضها الجريمة العابرة للحدود.
وأضاف أن توقيع الاتفاقية في القاهرة يحمل رمزية خاصة، باعتبار العاصمة المصرية منصة إقليمية للتنسيق العربي والدولي وموقعا محوريًا لتعزيز التعاون بين ليبيا وشركائها الأمنيين في المنطقة العربية.
تعاون استراتيجي متعدد الأبعاد بين ليببا وأمريكا
وتضمنت الاتفاقية عددا من البنود الرئيسية التي تركز على التعاون التقني والمعلوماتي والتدريبي بين الجانبين، من أبرزها:
- تبادل المعلومات الاستخباراتية حول شبكات تهريب المخدرات والأنشطة الإجرامية المرتبطة بها.
- تنظيم ورش عمل وبرامج تدريب مشتركة لتأهيل الضباط الليبيين في التحليل الجنائي والتتبع الإلكتروني والتحقيقات الميدانية.
- تطوير آليات مشتركة لرصد ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، خاصة في مناطق العبور البرية والبحرية.
- تطوير قدرات المختبرات الجنائية الليبية من خلال الدعم التقني والتعاون البحثي.
- إطلاق مشاريع توعية مجتمعية تهدف للحد من تعاطي المخدرات وبناء وعي عام بأخطارها على الفرد والمجتمع.
وجاء توقيع مذكرة التفاهم بين ليبيا وأمريكا في وقت تواجه فيه ليبيا، شأنها شأن العديد من دول المنطقة، تحديا متزايدا في مكافحة انتشار المخدرات، التي تستهدف فئة الشباب بالأخص.
وشهدت الأشهر الأخيرة في ليبيا ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة القادمة من الخارج عبر طرق التهريب البرية والبحرية، ما يشير إلى نشاط مستمر لشبكات تهريب دولية تستغل ضعف الرقابة الحدودية والأوضاع الأمنية السابقة في ليببا.
وذكر اللواء عبدالنبي أن الجهاز يسعى بشكل مستمر لتطوير خطط المراقبة والمتابعة، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى، موضحا أن التعاون مع الجانب الأمريكي من شأنه تعزيز قدرات ليبيا التقنية والاستخباراتية في مكافحة المخدرات.
من جهته، أكد جيسون شوماخر، ممثل إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، أن توقيع مذكرة التفاهم يعكس إيمان بلاده بأهمية الشراكة الأمنية مع ليبيا وأن التعاون بين البلدين سيكون نموذجا لتبادل الخبرات في مكافحة شبكات الجريمة العابرة للحدود.
وأكد شوماخر أن أمريكا مستعدة لتقديم الدعم الفني والتدريبي اللازم ومشاركة التقنيات الحديثة التي تساعد في تحليل البيانات وتتبع حركة الأموال المرتبطة بعمليات تهريب المخدرات.
ويرى متابعون أن هذه الاتفاقية تمثل تحولا نوعيا في العلاقات الليبية الأمريكية على المستوى الأمني وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون تستند إلى الثقة والتفاهم المشترك.
ويمكن التعاون الأمني في مكافحة المخدرات أن يفتح الباب أمام شراكات أخرى في مجالات التدريب وحماية الحدود ومكافحة الإرهاب وغسل الأموال وهي ملفات متداخلة تمثل تحديا مشتركا أمام جميع الدول.
الاتفاقية تعكس رغبة ليبية حقيقية في استعادة دورها الإقليمي والدولي في مجالات الأمن والاستقرار، خاصة في ظل التغيرات الإيجابية التي تشهدها مؤسسات الدولة الليبية خلال السنوات الأخيرة.
ويؤكد هذا التعاون أن ليبيا ماضية في نهجها نحو بناء مؤسسات أمنية قوية ومتعاونة مع المجتمع الدولي لضمان حماية حدودها من الجريمة المنظمة والتهريب ويساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
وأشار محللون أن توقيع هذا التعاون يبعث برسالة واضحة مفادها أن ليبيا شريك موثوق وجاد في الحرب ضد المخدرات والجريمة المنظمة وتسعى لأن تكون جزءا من المنظومة الدولية التي تعمل على حماية الشباب والمجتمعات من خطر المخدرات.

