شهدت العاصمة الجزائرية، انعقاد لقاء دبلوماسي رفيع المستوى بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الجزائري أحمد عطاف وذلك على هامش اجتماع الآلية الثلاثية لدول جوار ليبيا، الذي يضم مصر والجزائر وتونس.
تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى تطورات الأوضاع في ليبيا وسبل دعم الحلول السياسية الليبية–الليبية، بما يضمن وحدة الأراضي الليبية واستقرارها بعيدًا عن أي تدخلات خارجية.
واستهل الوزير المصري بدر عبد العاطي اللقاء بالتأكيد على عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين القاهرة والجزائر، مشيرا إلى أن البلدين يتقاسمان مواقف ثابتة تجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية كما أشاد عبد العاطي بجهود الجزائر المستمرة في دعم استقرار ليبيا وتعزيز مسار المصالحة بين الفرقاء الليبيين، مشددا على أهمية التنسيق المشترك بين البلدين في الملفات السياسية والأمنية ذات الاهتمام المشترك.
وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن العلاقات بين القاهرة والجزائر تمثل ركيزة أساسية للأمن الإقليمي في شمال أفريقيا، مؤكدا حرص بلاده على تطوير التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والتجارة والأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب العمل المشترك في دعم القضايا العربية على الساحة الدولية.
الملف الليبي يتصدر المباحثات
وبحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، فقد استحوذ الملف الليبي على الجزء الأكبر من المباحثات بين الوزيرين، حيث شدد الجانبان على ضرورة دعم المسار السياسي الليبي–الليبي باعتباره الحل الأمثل لإنهاء الأزمة المستمرة منذ سنوات، مؤكدين رفضهما لأي تدخلات أجنبية من شأنها إطالة أمد الصراع أو المساس بسيادة ليبيا ووحدة أراضيها.
وأكد عبد العاطي أن موقف مصر ثابت وواضح تجاه ليبيا ويتمثل في دعم الحل الليبي من داخل ليبيا، عبر حوار شامل بين الأطراف الليبية كافة، دون إقصاء وبرعاية الأمم المتحدة وبما يحقق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والتنمية، مضيفاأن القاهرة تتابع عن كثب الجهود التي تبذلها المؤسسات الليبية المختلفة، معربا عن أمله في أن تثمر الجهود الإقليمية عن توحيد المؤسسات الليبية وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
من جهته، جدد الوزير الجزائري أحمد عطاف التزام الجزائر بمواصلة دعم ليبيا في مسارها نحو الاستقرار، مؤكدا أن أمن ليبيا جزء لا يتجزأ من أمن الجزائر ودول الجوار كافة ومشددا على أهمية استمرار التنسيق المصري–الجزائري في هذا الملف الحيوي، مشيرا إلى أن الحوار الشامل بين الليبيين هو الطريق الوحيد لضمان استعادة الدولة الليبية لعافيتها ومؤسساتها.
وخلال اللقاء، تطرق الوزيران إلى أهمية استمرار اجتماعات الآلية الثلاثية لدول جوار ليبيا، باعتبارها إطارا محوريا للتشاور وتنسيق المواقف حول سبل دعم العملية السياسية الليبية وتعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة ككل.
وأوضح عبد العاطي أن الآلية الثلاثية تلعب دورا فاعلا في تقريب وجهات النظر بين الدول المعنية بالملف الليبي وتسهم في بلورة مواقف إقليمية موحدة تجاه الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة، مؤكداأن استمرار انعقاد هذه الاجتماعات يعكس التزام دول الجوار بتحمل مسؤولياتها التاريخية في دعم ليبيا وشعبها وتحصين المنطقة من مخاطر التوترات الأمنية والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.
تداعيات التطورات الإقليمية على ليبيا
كما تناول اللقاء، التطورات الإقليمية الراهنة في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث اتفق الجانبان على أن استقرار ليبيا يمثل عاملا أساسيا في استقرار الإقليم بأكمله، مؤكدين أن استمرار الانقسام السياسي أو تدهور الوضع الأمني في ليبيا قد يؤثر سلبا على الأمن القومي لدول الجوار.
وأشار الوزيران إلى ضرورة تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول المنطقة لمواجهة التهديدات العابرة للحدود، مثل الإرهاب وتهريب السلاح والهجرة غير النظامية، مؤكدين أن هذه التحديات تتطلب تنسيقًا مستمرًا وإرادة سياسية مشتركة.
كما أشاد الوزير عبد العاطي بالجهود الجزائرية في تسوية النزاعات الإقليمية ودعم جهود الاتحاد الأفريقي في تحقيق التنمية المستدامة في القارة، مؤكدا أن مصر والجزائر تتفقان على ضرورة بناء شراكات اقتصادية قوية داخل القارة، تسهم في تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز الاستقرار السياسي.
وفي ختام اللقاء، أكد الوزيران المصري والجزائري حرصهما على مواصلة التنسيق والتشاور على المستويين الإقليمي والدولي، من أجل دعم الجهود الرامية إلى تعزيز العمل العربي المشترك وحماية الأمن القومي العربي من التهديدات الخارجية.
وشدد الجانبان على أهمية التضامن العربي–الأفريقي في مواجهة الأزمات الراهنة وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية ودول أفريقيا، بما يسهم في دعم التنمية المستدامة وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
واختتم اللقاء بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التنسيق المصري–الجزائري في الملفات ذات الاهتمام المشترك، لاسيما في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتبادل التجاري والتعليم، فضلا عن استمرار المشاورات حول القضايا الدولية والإقليمية الكبرى.
ويرى محللون أن هذا اللقاء يعكس تجدد الزخم الدبلوماسي بين القاهرة والجزائر ويؤكد حرص البلدين على تبني مواقف موحدة تجاه الأوضاع في ليبيا، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية إلى ضرورة تسريع الخطى نحو الانتخابات الليبية وإنهاء حالة الجمود السياسي.

