شهدت مدينة مصراتة الليبية أمس الجمعة وقفة احتجاجية نظمها حراك مصراتة ضد التوطين والهجرة غير الشرعية والتي دعا خلالها إلى مراجعة الاتفاقيات الدولية التي تمس السيادة الوطنية كما دعا إلى تطبيق القوانين الليبية المنظمة لدخول وإقامة الأجانب ومكافحة التوطين والهجرة غير النظامية.
مطالب بإلغاء الاتفاقية الليبية الإيطالية 2017
وأكد المشاركون في الحراك دعمهم لمطالب النشطاء الداعية إلى إلغاء الاتفاقية الليبية – الإيطالية الموقعة عام 2017 بين حكومة الوفاق الوطني السابقة وإيطاليا والمتعلقة بمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وطالب الرسمي الصادر عن الحراك بإشعار الجانب الإيطالي بعدم الرغبة في تجديد الاتفاقية قبل موعد انتهائها في الثاني من نوفمبر المقبل، معتبرا أن هذه الخطوة تمثل دفاعا عن السيادة الوطنية واستقلال القرار الليبي.
وأوضح البيان أن الحراك يرى ضرورة إعادة تقييم جميع الاتفاقيات التي قد تؤثر على الهوية أو السيادة الوطنية، مع التأكيد على الالتزام بالقوانين المحلية والتشريعات النافذة في البلاد.
تفعيل القوانين الليبية المنظمة لإقامة الأجانب
ودعا الحراك السلطات الليبية إلى تفعيل وتطبيق القانون رقم (6) لسنة 1987 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب وخروجهم من ليبيا، إضافة إلى القانون رقم (24) لسنة 2023 الخاص بمكافحة التوطين، والقانون رقم (19) بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وطالب الحراك بضرورة ترحيل المهاجرين غير النظاميين والمتسللين في أسرع وقت ممكن، بالتعاون مع دولهم الأصلية والمنظمات الدولية المختصة، بما يتوافق مع القانون الدولي والاتفاقيات الإنسانية.
وشدد البيان على العودة لتطبيق قانون الجنسية الليبية لسنة 1954، باعتباره الضمان القانوني لحماية الهوية الليبية والحفاظ على النسيج الاجتماعي الوطني.
ووفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الليبية، بدأ الحراك بيانه بتهنئة الشعب الليبي بمناسبة عيد التحرير، مستذكرًا معارك الهاني والمرقب التي خاضها الأجداد ضد الاحتلال الإيطالي في أكتوبر عام 1911، مؤكدا أن هذه التضحيات تمثل رمزًا للصمود والوحدة الوطنية.
وأشار البيان إلى أن استحضار هذه الذكرى يهدف إلى التذكير بأهمية حماية الوطن والحفاظ على سيادته في وجه أي محاولات تمس استقلال ليبيا أو تركيبتها السكانية.
ودعا الحراك من وصفهم بالحقوقيين والنشطاء القانونيين إلى رفع دعاوى قضائية ضد الجهات أو الأفراد الذين يتعمدون تعطيل القوانين الخاصة بمكافحة الهجرة غير الشرعية أو التقصير في تنفيذها وخاصة فيما يتعلق بضبط الحدود وترحيل المخالفين.
وحث البيان المؤسسات الإعلامية الليبية، العامة والخاصة، على القيام بدور توعوي تجاه مخاطر التسلل والهجرة غير الشرعية، لما تمثله هذه الظاهرة من تهديدات للأمن الوطني والصحة العامة والنظام الاجتماعي.
كما أعرب الحراك عن رفضه لتصريحات وزير التعليم بحكومة الوحدة الوطنية، معتبرًا أن ما ورد فيها يمثل إساءة إلى مؤسسات التعليم والمعلمين الصليبيين وطالب الحراك الوزير بتقديم اعتذار رسمي واستقالة فورية، مؤكدا أن تصريحاته تقلل من مكانة المعلم الليبي أمام الطلبة والرأي العام المحلي والدولي.
وأشار البيان إلى أن تصريحات الوزير تعكس – بحسب وجهة نظر الحراك – توجها نحو توطين المعلمين الأجانب بموجب اتفاقيات عمل موقعة مع دول مثل فلسطين والسودان وهو ما اعتبره الحراك مساسا بحقوق المعلمين الليبيين ومخالفا لأولويات التوظيف الوطنية.
وأكد البيان أن قطاع التعليم يمثل أحد أهم ركائز بناء الأجيال وأنه يجب أن تكون أولوية التشغيل فيه للمواطنين الليبيين، مشيرا إلى أن توطين الكفاءات الوطنية يسهم في تعزيز الهوية والحفاظ على القيم الوطنية داخل المؤسسات التعليمية.
كما أكد المشاركون على أن أي سياسات أو اتفاقيات قد تفتح الباب أمام تشغيل أجانب في مجالات تتوفر فيها كفاءات ليبية يجب أن تخضع لمراجعة دقيقة، بما يضمن توازن سوق العمل وحماية فرص المواطنين.
واختتم الحراك بيانه بالتأكيد على أن الحفاظ على السيادة الوطنية هو الأساس الذي تُبنى عليه جميع القوانين والسياسات العامة في ليبيا، مشيرا إلى أن أي اتفاق أو تعاون دولي يجب أن يراعى فيه مبدأ الندية والاحترام المتبادل.
وشدد على ضرورة استمرار الجهود الوطنية لتأمين الحدود ومكافحة التسلل والهجرة غير النظامية، مع تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية بما يخدم المصلحة الوطنية ويحافظ على الاستقرار الداخلي.
وقد شهدت الوقفة الاحتجاجية في مصراتة حضورا لافتا من مختلف الفئات، بما في ذلك ناشطون ومهتمون بالشأن العام وعدد من الشخصيات الاجتماعية.
ورفع المشاركون شعارات تطالب بحماية الهوية الليبية وتطبيق القوانين المحلية، مؤكدين دعمهم لأي خطوة من شأنها تعزيز السيادة الوطنية ومواجهة التحديات المرتبطة بملف الهجرة غير الشرعية.
نبذة عن الاتفاقية الليبية الإيطالية
يذكر أن الاتفاقية الليبية – الإيطالية لعام 2017 تم توقيعها في عهد حكومة الوفاق الوطني وتهدف إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، من خلال دعم خفر السواحل الليبي وتمويل مراكز الإيواء داخل البلاد.
وقد أثارت هذه الاتفاقية جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والسياسية، حيث يرى منتقدوها أنها تشكل عبئا على ليبيا وتحد من سيادتها، فيما يعتبرها آخرون وسيلة للحد من تدفقات المهاجرين وتحسين التعاون الأمني مع أوروبا.
ويأتي موقف حراك مصراتة ضمن سلسلة من الأصوات المحلية المطالبة بإعادة تقييم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالهجرة والتوطين، بما يضمن توافقها مع المصلحة الوطنية والتشريعات الليبية.

