شارك رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، المهندس مسعود سليمان، في جلسة حوارية مميزة ضمن فعاليات معرض ومؤتمر أديبك 2025 المنعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت عنوان: “قطاع الطاقة في ليبيا: الاستقرار، الاستثمار والشراكات الإقليمية”.
وجاءت هذه المشاركة في إطار سعي المؤسسة إلى تأكيد حضور ليبيا في المحافل الدولية للطاقة، وتعزيز التواصل مع الشركاء الإقليميين والعالميين لبحث سبل التعاون وتطوير صناعة النفط والغاز بما يخدم الاقتصاد الوطني.
وخلال الجلسة، أكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط أن استقرار قطاع الطاقة في ليبيا يمثل ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن المؤسسة تعمل منذ سنوات على تحقيق التوازن بين استمرارية الإنتاج وتطوير البنية التحتية واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
وأوضح سليمان أن المؤسسة تمكنت من الحفاظ على معدلات إنتاج مستقرة رغم التحديات التي واجهها القطاع في السنوات الماضية، بفضل سياسة إدارة رشيدة تعتمد على الشفافية والكفاءة وتطبيق أعلى معايير السلامة والحوكمة.
وأضاف في كلمته أن تعزيز الثقة بين المؤسسة والشركات الدولية يمثل هدفا استراتيجيا، لافتا إلى أن الإصلاحات الأخيرة التي اعتمدتها المؤسسة أسهمت في خلق بيئة أكثر جذبا للاستثمارات طويلة الأمد، مع التركيز على تحسين نظم الشفافية والإفصاح المالي.
كما استعرض المهندس مسعود سليمان أبرز الإصلاحات الإدارية والتقنية التي تبنتها المؤسسة في الآونة الأخيرة والتي شملت تحديث آليات المراقبة والإشراف على الشركات العاملة وإطلاق برامج تدريب وتأهيل للكفاءات الوطنية.
وأشار إلى أن هذه الخطوات تهدف إلى رفع كفاءة الأداء المؤسسي وتطوير منظومة اتخاذ القرار، بما يضمن إدارة فعالة للموارد النفطية وتحقيق الاستدامة في الإنتاج، مؤكدا أن المؤسسة تعمل على إطلاق مشاريع رقمية حديثة لمتابعة سير العمليات في الحقول النفطية وتحسين مستويات الأمان والسلامة وهي إجراءات تلقى إشادة من الشركاء الدوليين والمستثمرين الأجانب.
عودة الشركات العالمية تعزز ثقة السوق
رتطرق رئيس المؤسسة الوطنية للنفط إلى التحسن الملحوظ في الظروف الأمنية داخل ليبيا، مؤكدا أن هذا التحسن شجع عددا من الشركات العالمية على العودة مجددا للعمل والاستثمار في الحقول الليبية بعد سنوات من التوقف أو التريث.
ولفت سليمان إلى أن الاكتشافات النفطية الأخيرة، مثل الاكتشاف الذي أعلنته شركة OMV النمساوية في حوض سرت، تمثل مؤشرا إيجابيا على الثقة الدولية في قدرة ليبيا على استعادة مكانتها الرائدة في صناعة النفط، مشيرا الى أن هذه الاكتشافات ستسهم في زيادة الاحتياطيات المؤكدة ورفع القدرة الإنتاجية خلال السنوات المقبلة، مما سينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني ومعدلات النمو في البلاد.
فرص التعاون الإقليمي بين ليبيا ودول شمال أفريقيا
كما ناقشت الجلسة فرص التعاون الإقليمي بين ليبيا ودول شمال أفريقيا، إلى جانب التعاون مع دول أفريقيا جنوب الصحراء في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتصنيع المشترك.
وأوضح سليمان أن ليبيا تمتلك موقعًا جغرافيا واستراتيجيا يؤهلها لأن تكون مركزا إقليميا لتبادل الطاقة والخدمات النفطية، مشددا على أهمية بناء شراكات حقيقية تعزز التكامل الاقتصادي في المنطقة.
وأضاف أن تعزيز التعاون الإقليمي من شأنه أن يدعم القدرات التصديرية لدول المنطقة ويخلق فرص عمل جديدة، خاصة في مجالات الغاز الطبيعي المسال والطاقة المتجددة والتكرير والنقل البحري.
وأكد أن المؤسسة الوطنية للنفط منفتحة على جميع المبادرات التي تهدف إلى ربط الأسواق الأفريقية والعربية في منظومة طاقة موحدة، تعزز الأمن الطاقوي وتدعم جهود التنمية المستدامة.
وتناول سليمان خلال مداخلته الجهود المبذولة في تطوير البنية التحتية النفطية داخل ليبيا، مشيرا إلى أن المؤسسة تعمل على تحديث خطوط النقل والموانئ النفطية وتنفيذ مشاريع صيانة كبرى لعدد من الحقول المتقادمة.
وأوضح أن المؤسسة تركز حاليا على تحديث المصافي المحلية لزيادة الإنتاج وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إلى جانب تطوير مشاريع الغاز الطبيعي باعتباره الوقود الانتقالي نحو مستقبل أكثر استدامة للطاقة.
وأشار إلى أن التحول نحو الطاقة النظيفة أصبح جزءا من رؤية المؤسسة المستقبلية، حيث يجري العمل على إعداد خطط للاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المناطق الصحراوية، لتوفير الطاقة للمواقع الصناعية وتقليل البصمة الكربونية.
وفي ختام الجلسة، وجه رئيس المؤسسة الوطنية للنفط شكره إلى السيد طارق الملا، وزير البترول المصري السابق، على إدارته المميزة للحوار وإثرائه للنقاش بمجموعة من المداخلات حول مستقبل الطاقة في المنطقة كما أعرب عن امتنانه لجميع المشاركين والخبراء الذين أسهموا في تبادل الخبرات وطرح الرؤى المستقبلية لتطوير صناعة النفط والغاز في المنطقة العربية.
وأكد سليمان أن مؤتمر أديبك 2025 يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز التعاون العربي في مجال الطاقة ولعرض الجهود الليبية في استعادة الاستقرار والإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة.

