تشهد الملفات الاقتصادية والتنمية في ليبيا خلال الفترة الأخيرة تحركات واسعة حيث تتجه الجهود الرسمية إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات والهيئات المحلية والدولية من أجل دعم مسار التنمية وتحسين مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين في مختلف المناطق.
وعقدت مؤسسات حكومية واقتصادية ليبية سلسلة من الاجتماعات الفنية لمتابعة تنفيذ مشاريع حيوية تتعلق بالبنية التحتية والطاقة والتعليم والصحة، ضمن خطة وطنية تهدف إلى خلق تنمية متوازنة بين المدن والقرى وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في الموارد البشرية والمادية.
الجهود الحالية تركز على تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع رجال الأعمال الليبيين على الدخول في شراكات إنتاجية تسهم في تنويع مصادر الدخل، بعيدا عن الاعتماد الكلي على قطاع النفط.
وتعمل الجهات المعنية على تهيئة بيئة استثمارية أكثر استقرارًا عبر تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الحماية القانونية للمستثمرين المحليين والأجانب.
وتمتلك ليبيا إمكانات كبيرة تؤهلها لأن تكون مركزا اقتصاديا إقليميا في شمال إفريقيا، إذا تم استثمار الموارد الطبيعية والبشرية بالشكل الصحيح، كما أن خطط التنمية الحالية تراعي توزيع المشاريع بشكل عادل على مختلف المناطق لضمان تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي.
اهتمام بالبنية التحتية في ليببا
ويشهد الجانب الخدمي جهودا متزايدة لإعادة تأهيل شبكات الطرق والمواصلات وتحسين خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات وهي ملفات كانت تعاني من ضعف واضح خلال السنوات الماضية.
وتسعى المؤسسات المعنية إلى تنفيذ برامج عاجلة لمعالجة هذه التحديات، بالتعاون مع شركات محلية وخبرات دولية متخصصة لرفع كفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الحياة اليومية للمواطنين.
ويجري التنسيق مع عدد من الجهات الدولية لتبادل الخبرات في مجالات النقل والطاقة المتجددة وتطوير الموانئ والمطارات، بما يعزز من مكانة ليبيا كمركز حيوي يربط بين إفريقيا وأوروبا عبر المتوسط.
التعليم وتحديث المناهج في ليبيا
كما تحظى ملفات التعليم والتدريب المهني باهتمام متزايد ضمن خطة الإصلاح الشاملة، إذ تسعى المؤسسات التعليمية إلى تحديث المناهج وتطوير الكوادر الوطنية بما يتواكب مع احتياجات سوق العمل الليبي.
ويجري حاليا إعداد برامج تدريبية جديدة تستهدف الشباب والخريجين في مجالات التقنية والإدارة والطاقة المتجددة، لتأهيلهم للانخراط في سوق العمل والمساهمة في تطوير القطاعات الحيوية داخل ليبيا.
كما أن هناك جهود موازية لدعم الاستقرار الداخلي وتعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي، من خلال مراقبة الأسعار وتوفير السلع الأساسية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، إلى جانب وضع خطط للحد من البطالة ورفع القدرة الشرائية للمواطنين.
وتوضح المؤشرات الأولية وجود تحسن تدريجي في أداء الاقتصاد المحلي، مدفوعًا بزيادة الإنتاج في بعض القطاعات وارتفاع مستوى التنسيق بين المؤسسات العامة والقطاع الخاص، الأمر الذي يعكس توجهًا جادا نحو بناء اقتصاد قوي ومستدام.
تزايد التعاون الليبي مع المؤسسات الدولية
في الساحة الخارجية، تستمر ليبيا في تعزيز تعاونها مع شركاء دوليين بهدف الاستفادة من الخبرات التقنية التمويلية ودعم برامج التنمية المحلية.
وبدأت عدة مؤسسات دولية استعدادها للمشاركة في مشروعات البنية التحتية والطاقة المتجددة والتعليم، مؤكدين أن الاستقرار الأمني والإداري في البلاد يمثل عاملا مشجعًا لجذب المزيد من الاستثمارات.
التكنولوجيا والتحول الرقمي في ليبيا
وتحتل التكنولوجيا والتحول الرقمي مكانة مهمة في الخطط الليبية، حيث يجري العمل على تطوير الخدمات الإلكترونية الحكومية وربط المؤسسات عبر أنظمة رقمية موحدة لتسهيل الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
وتشجع الجهات المعنية على الاستثمار في مجالات التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي، بما يعزز من كفاءة العمل الحكومي ويرفع مستوى الشفافية والمساءلة.
وسوف يحدث إدخال التقنيات الحديثة في مجالات مثل التعليم والإدارة والقطاع المالي تحولا نوعيا في الأداء العام للدولة ويجعل الخدمات أكثر سرعة وجودة، بما ينسجم مع التوجه العالمي نحو الرقمنة.
ويرى محللون أن المرحلة القادمة تمثل فرصة حقيقية لليبيا لتجاوز التحديات الراهنة والانطلاق نحو مرحلة جديدة من النمو والاستقرار، شريطة استمرار التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة وتكامل الجهود الحكومية والمجتمعية.
واوضحوا أن الاستثمار في الإنسان الليبي هو الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، داعين إلى توجيه مزيد من الاهتمام بقطاعي التعليم والصحة وإطلاق مبادرات وطنية لتأهيل الكفاءات الشابة وتمكينها من قيادة المشروعات المستقبلية.

