أطلقت وكالات تابعة للأمم المتحدة تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان التي تتجه نحو مزيد من التدهور مع استمرار أعمال العنف على يد ميليشا الدعم السريع واتساع رقعة النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع وتزايد عمليات النزوح وانتشار الأمراض وارتفاع معدلات الجوع إلى مستويات كارثية.
وتأتي هذه التحذيرات في سلسلة تصريحات رسمية لمسؤولين أمميين، أكدوا خلالها أن الوضع في الميدان يتدهور بشكل متسارع وأن الاحتياجات الإنسانية تتضاعف في ظل غياب الأمن وصعوبة وصول فرق الإغاثة إلى المناطق المتضررة.
ولم يقتصر تأثير الحرب المستمرة على الخسائر الميدانية، بل تجاوزها إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة يعيشها السكان يوميا فقد أوضحت جاكلين ويلما، رئيسة المكتب الفرعي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بورتسودان، أن المدنيين العالقين في مسارات النزوح يعيشون حالة يأس شديدة في ظل انعدام الممرات الآمنة.
وتحدثت ويلما عن أن آلاف الأشخاص ما زالوا محاصرين في مدينة الفاشر، بينما يحاول آخرون المغادرة تحت تهديد المخاطر، لكن كثيرين منعوا من مواصلة رحلاتهم بسبب انتشار نقاط تفتيش مسلحة أو خوفهم من إعادتهم قسرا إلى مناطق النزاع.
ويعاني النازحون في السودان من ظروف قاسية نتيجة انهيار البنية التحتية وتوقف العديد من المرافق الصحية والخدمات الأساسية، إضافة إلى تدفق موجات جديدة من الفارين نحو مناطق أكثر أمنا، ما يزيد الضغط على الموارد الشحيحة أصلا.
أزمة المجاعة والأمراض تهدد ملايين السودانيين
ولا تقتصر خطورة الوضع في السودان على النزاع المسلح فحسب، بل تتضاعف بسبب عوامل أخرى لا تقل فتكا، أبرزها المجاعة المتفاقمة وانتشار الأمراض ووجود المتفجرات غير المنفجرة في مناطق واسعة.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم أزمة الجوع التي تعد من الأسوأ عالميا، إذ يعاني أكثر من 21 مليون شخص من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى سبتمبر الماضي.
وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندماير، إن وباء الكوليرا يواصل الانتشار وقد أودى بحياة أكثر من 3500 شخص، بينما تزداد الحالات في المناطق التي تفتقر إلى المياه النظيفة والخدمات الصحية.
وأشار ليندماير إلى أن المجاعة تسود بالفعل في الفاشر وكادقلي وأنها باتت تهدد عشرين منطقة أخرى في إقليمي دارفور الكبرى وكردفان الكبرى، ما ينذر بكارثة واسعة النطاق إذا لم يتم التدخل العاجل.
كما حذرت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام من أن الخطر في السودان لا يقتصر على الجوع والأوبئة، بل يشمل أيضا انتشار المتفجرات والمخلفات الحربية في مناطق القتال التي تمنع المدنيين من التنقل وتعرقل جهود الإغاثة.
وهذا الواقع المأزوم جعل المنظمات الإنسانية تعمل تحت ضغط بالغ، في ظل ضعف التمويل وصعوبة الوصول إلى المناطق الأكثر تضررا مثل دارفور وكردفان، حيث تشهدان أعمال عنف مستمرة وعمليات نزوح متجددة.
وعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة خاصة الأسبوع الماضي لمناقشة التطورات الميدانية، خصوصا في مدينة الفاشر، والنظر في طلب إرسال بعثة لتقصي الحقائق بشأن عمليات القتل الجماعي التي وقعت خلال سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.
ويأتي هذا التحرك الدولي بينما تتصاعد حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث امتد القتال من إقليم دارفور الذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع الشهر الماضي، إلى مناطق كردفان المجاورة، ما ينذر بتوسع دائرة النزاع وتعقيد المشهد الأمني والإنساني أكثر فأكثر.

