يشهد الاقتصاد في ليبيا اليوم حالة من الترقب بعد سلسلة من التحركات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي، بالتزامن مع تقلبات واضحة في سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية مقابل الدينار الليبي يأتي ذلك في ظل تزايد الطلب على السيولة النقدية في المصارف، وارتفاع حجم التداول في السوق الموازية، ما يعكس حالة من القلق لدى المواطنين والتجار على حد سواء.
سعر الدولار مقابل الدينار الليبي
سجّل سعر الدولار الأمريكي اليوم في ليبيا استقرارًا نسبيًا في سوق المشير بطرابلس ومناطق أخرى، حيث تراوح السعر بين 5.18 و5.22 دينارا ليبيا للدولار الواحد، مع وجود فروقات طفيفة بين المدن الغربية والشرقية أما في مصراتة وسبها، فبلغ متوسط السعر 5.20 دينار، وسط توقعات بموجة ارتفاع طفيفة خلال الأيام المقبلة.
ويرى محللون اقتصاديون أن هذا الاستقرار المؤقت يأتي نتيجة تدخلات المصرف المركزي الليبي في ضخ بعض السيولة بالعملة المحلية، إلى جانب التزام المصارف التجارية بتقليص الطلب على النقد الأجنبي إلا في حالات محددة. ومع ذلك، ما زال السوق الموازية تشهد نشاطًا ملحوظا، خصوصا بعد ارتفاع الطلب على الدولار لأغراض الاستيراد مع قرب نهاية العام.
أسعار العملات الأجنبية اليوم
وفيما يخص العملات الأجنبية الأخرى، فقد سجل اليورو الأوروبي نحو 5.60 دينارا ليبيا، بينما وصل الجنيه الإسترليني إلى حوالي 6.45 دينارا كما شهد الدينار التونسي ارتفاعا طفيفا ليصل إلى 1.64 دينارا ليبيا، فيما استقر الجنيه المصري عند 0.106 دينار تقريبًا.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن هذه التغيرات تعكس مدى تأثر السوق الليبي بعوامل خارجية، من أبرزها ارتفاع أسعار النفط عالميًا، والتقلبات في سعر صرف العملات الرئيسية في البورصات الدولية. كما أن تحركات البنك المركزي الأمريكي وقرارات الفيدرالي بشأن الفائدة تؤثر بشكل غير مباشر في السوق الليبي.
قرارات جديدة من المصرف المركزي الليبي
أعلن مصرف ليبيا المركزي في طرابلس عن سلسلة من الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى تحسين توفر السيولة في فروع المصارف المنتشرة في أنحاء البلاد وشملت هذه الإجراءات زيادة سقف السحب الأسبوعي للمواطنين، وتخصيص مبالغ إضافية لفروع المصارف في المدن الجنوبية والشرقية.
ووفقا لبيان صادر عن المصرف، تم التأكيد على أن عملية توزيع السيولة النقدية ستتم بشكل منتظم خلال الأسابيع المقبلة، وأن الأولوية ستكون للمناطق التي تشهد ازدحاما مصرفيا كما دعا المصرف إدارات الفروع إلى اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني وتشجيع المواطنين على استخدام المحافظ الرقمية لتخفيف الضغط على التعاملات النقدية المباشرة.
وأضاف البيان أن المصرف المركزي يعمل بالتنسيق مع وزارة المالية لضمان صرف المرتبات الحكومية في مواعيدها، مع متابعة دقيقة لالتزام المصارف بسياسات الشفافية وتوزيع النقد بعدالة بين الفروع.
لا يزال السوق الموازية تلعب دورا كبيرا في تحديد سعر الدولار في ليبيا، إذ يعتمد عدد كبير من التجار والمواطنين على هذا السوق لتلبية احتياجاتهم من العملات الأجنبية، خصوصًا مع القيود المفروضة على التحويلات الرسمية ويشير بعض المحللين إلى أن أي تأخير في ضخ السيولة من المصرف المركزي يؤدي مباشرة إلى ارتفاع أسعار الصرف في السوق غير الرسمية.
وفي المقابل، تسعى السلطات النقدية إلى ضبط السوق عبر تشديد الرقابة على التحويلات التجارية، ومنع المضاربات التي تؤثر على قيمة الدينار الليبي كما يتم العمل على تطوير آليات جديدة لتمويل الاستيراد من خلال القنوات المصرفية الرسمية، بما يسهم في تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي.
يرى خبراء الاقتصاد في ليبيا أن استقرار سعر الدولار والعملات الأجنبية خلال الأسابيع المقبلة مرتبط بعدة عوامل، أبرزها استمرار ضخ السيولة في المصارف، وتحسن إنتاج النفط الليبي، واستقرار الوضع السياسي ويؤكدون أن أي توتر سياسي أو أمني قد يؤدي إلى موجة جديدة من تراجع الدينار، خصوصًا في ظل هشاشة السوق المالية المحلية.
كما توقع محللون أن تشهد الأشهر القادمة زيادة تدريجية في الطلب على النقد الأجنبي نتيجة موسم الاستيراد السنوي، مؤكدين أهمية أن يواصل المصرف المركزي سياساته المتوازنة في إدارة الاحتياطي النقدي وتلبية احتياجات السوق دون الإضرار بقيمة الدينار.
يبدو المشهد الاقتصادي الليبي اليوم بين حالة من الاستقرار الحذر والانتظار. فبينما يسعى المصرف المركزي لضمان السيولة وتنظيم السوق، يترقب المواطنون انخفاض أسعار السلع وتحسن القوة الشرائية ويبقى التحدي الأكبر أمام السلطات هو الحفاظ على توازن سوق الصرف واستقرار الدينار في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية الراهنة.