يشهد سوق المال في ليبيا خلال الأيام الأخيرة حالة من الترقب والحذر، بعد تسجيل تراجع طفيف في أسعار إيداع الدولار ببطاقة الأغراض الشخصية بالمصارف الليبية، وفق ما تم تداوله عبر مصادر مصرفية وصفحات مهتمة بالشأن الاقتصادي، اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025.
ورغم هذا التراجع وإن بدا محدودا في قيمته، إلا أنه يعكس واقعا اقتصاديا يشهد حالة من التذبذب في ظل استمرار التفاوت بين السعر الرسمي للدولار الأمريكي الصادر عن مصرف ليبيا المركزي وبين أسعار الصرف المعروضة في السوق الموازية.
بحسب البيانات المتداولة، فقد سجلت أسعار إيداع الدولار ببطاقة الأغراض الشخصية بالمصارف الليبية بقيمة 2000 دولار انخفاضا طفيفا لتصل إلى 10,910 دينار ليبي، مقارنة بالأيام السابقة التي تجاوز فيها المبلغ 11 ألف دينار.
وبلغت الضريبة المضافة على أسعار إيداع الدولار ببطاقة الأغراض الشخصية بالمصارف الليبية نحو 1,635 دينار، وذلك بناء على الأسعار المعتمدة من قبل مصرف ليبيا المركزي في آخر نشراته الرسمية.
يأتي التغير الطفيف في وقت يسعى فيه العديد من المواطنين إلى الاستفادة من مخصصات البطاقات الشخصية التي توفرها المصارف، باعتبارها أحد الحلول المتاحة لتغطية بعض الاحتياجات من العملة الأجنبية، خصوصا مع استمرار القيود المفروضة على السحب النقدي من حسابات الدولار.
أسعار إيداع الدولار بالمصارف الليبية
ووفق ما نشرته صحيفة المشهد الليبي، عن حركة إيداع الدولار بالمصارف المحلية، فقد سجلت الأسعار اليوم الاثنين الفروقات التالية:
المصرف التجاري الوطني: 12,640 دينار
مصرف الجمهورية: 12,590 دينار
مصرف الصحاري: 12,590 دينار
مصرف الأمان: 12,640 دينار
مصرف الوحدة: 12,590 دينار
مصرف التجارة والتنمية: 12,570 دينار
مصرف شمال أفريقيا: 12,605 دينار
المصرف الإسلامي الليبي: 12,630 دينار
مصرف المتحد: 12,540 دينار
مصرف اليقين: 12,605 دينار
مصرف النوران: 12,605 دينار
مصرف الأندلس: 12,640 دينار
ورغم أن الفروق بين المصارف تبدو محدودة، إلا أنها تعكس حجم التنافس في تسعير الإيداعات وهو ما يشير إلى مرونة نسبية في إدارة السيولة والطلب على الدولار عبر البطاقات الشخصية.
سعر صرف الدولار في مصرف ليبيا المركزي
وبحسب نشرة مصرف ليبيا المركزي الصادرة صباح اليوم، فقد بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي الرسمي نحو 5.4518 دينار ليبي، مع إضافة رسم بقيمة 15% على مبيعات النقد الأجنبي وهي النسبة التي يتم احتسابها ضمن تكلفة الإيداعات الخاصة ببطاقات الأغراض الشخصية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه النسبة تلعب دورا مباشرا في تحديد تكلفة الشراء الفعلية بالنسبة للمواطن، خصوصا في ظل عدم استقرار السوق الموازي الذي يشهد تغيرات مستمرة في الأسعار نتيجة العرض والطلب.
وأوضح اقتصاديون أن هذا التراجع الطفيف قد يكون انعكاسا لحركة تصحيح طبيعية بعد الارتفاعات المتكررة التي شهدتها أسعار الإيداعات خلال الأسابيع الماضية، مشيرين إلى أن السوق الليبي عادة ما يشهد تقلبات قصيرة الأمد مرتبطة بتوقيت صرف المرتبات أو فتح مخصصات جديدة من النقد الأجنبي.
ويضيف محللون أن أي انخفاض في أسعار إيداع الدولار ببطاقة الأغراض الشخصية بالمصارف الليبية لا يعني بالضرورة تحسنا في الوضع النقدي، بل قد يكون نتيجة لزيادة المعروض المؤقت من العملة الصعبة أو لتراجع الطلب في فترة محددة، خصوصا أن البطاقات الشخصية تعتبر واحدة من القنوات القليلة التي يمكن للمواطن الليبي من خلالها الحصول على الدولار بطريقة قانونية ومنظمة.
ويرى محللون أن هناك عدة عوامل تؤثر في أسعار إيداع الدولار ببطاقة الأغراض الشخصية بالمصارف الليبية، من أبرزها:
تغير سعر الصرف الرسمي الصادر عن المصرف المركزي.
نسبة الضريبة المضافة على مبيعات النقد الأجنبي.
حجم الإقبال على البطاقات الشخصية في فترات محددة مثل مواسم الدراسة والسفر والعلاج.
السيولة النقدية لدى المصارف ومدى توفرها لتغطية الطلب المتزايد.
السياسات النقدية والقرارات التنظيمية الصادرة عن الجهات المالية.
وكل هذه العوامل مجتمعة تساهم في تحديد الاتجاه العام للأسعار، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، وهو ما يجعل من الضروري مراقبة التطورات بشكل مستمر لتفادي المفاجآت في السوق.
وفي ظل الظروف الاقتصادية حاليا، أصبحت مسألة الحصول على العملة الأجنبية من أبرز التحديات التي تواجه المواطن الليبي، خاصة مع استمرار الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي وغياب آلية موحدة تضمن استقرار الأسعار في جميع المصارف.
ويشير خبراء إلى أن بطاقة الأغراض الشخصية أصبحت تمثل شريانا اقتصاديا مهما للمواطن، إذ تتيح له تغطية احتياجاته الخارجية بطريقة قانونية، لكنها في الوقت نفسه تبقى محدودة الاستخدام مقارنة بحجم الطلب العام على النقد الأجنبي.
تغيرات في أسعار الصرف العالمية
هذا التراجع الطفيف يأتي في سياق عام يشهد تغيرات مستمرة في أسعار الصرف العالمية، إلى جانب التحديات الداخلية المتعلقة بالإنتاج النفطي والسياسات المالية والتوترات السياسية التي تؤثر بدورها على حجم الاحتياطي الأجنبي في البلاد.
ووفق خبراء اقتصاد فإن الحل يكمن في تعزيز الاستقرار المالي وتوسيع نطاق التعاملات الإلكترونية والمصرفية، إلى جانب وضع سياسة نقدية أكثر مرونة تراعي تقلبات السوق وتوازن بين متطلبات المواطن ومصالح الدولة الاقتصادية.
ولا يعد تراجع أسعار إيداع الدولار ببطاقة الأغراض الشخصية بالمصارف الليبية اليوم تغييرا جذريا بقدر ما هو مؤشر على ديناميكية السوق المالية الليبية، التي تتأثر بعوامل متعددة داخلية وخارجية.
ومع متابعة المواطن لمستجدات الأسعار، يبقى الأمل في أن تسهم السياسات المصرفية القادمة في تحقيق قدر أكبر من الاستقرار وتخفيف الضغط عن العملة المحلية، بما يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية دون أن تتأثر القدرة الشرائية للدينار الليبي.

