يشهد كرنفال ليبيا التراثي 2025 في نسخته الثانية بمدينة بنغازي أجواء احتفالية شعبية تجمع بين التراث والثقافة والفن، بمشاركة واسعة من المدن والمناطق الليبية، في تظاهرة وطنية تهدف إلى إبراز الهوية الليبية وتعزيز روح الانتماء والتنوع الثقافي بين أبناء ليببا.
وانطلقت فعاليات كرنفال ليبيا التراثي 2025 بساحة الكيش، حيث تزينت الساحة بالأعلام الوطنية والمجسمات التراثية والعروض الفلكلورية التي عكست عراقة الموروث الشعبي الليبي بمختلف أشكاله، من الشعر والغناء الشعبي إلى عروض الفروسية والرماية والحرف اليدوية.
وينظم كرنفال ليبيا التراثي 2025، الهيئة الليبية للتراث والحياة البرية بإشراف مباشر من نائب القائد العام، بمشاركة أكثر من 55 منظمة وجمعية من مختلف المدن الليبية تحت شعار “التراث يجمعنا”، ما يعكس حجم التفاعل الكبير مع فكرة إحياء التراث وإبراز قيمه الإنسانية والوطنية.
فعاليات كرنفال ليبيا التراثي 2025
وأوضح رئيس اللجنة التحضيرية لفعاليات الشعر والتراث الشعبي، صلاح الغزالي، أن النسخة الثانية من الكرنفال جاءت أكثر شمولا وتميزا عن النسخة الأولى، إذ لم تقتصر على عروض الخيل والهجن والرماية والطير، بل أضافت هذا العام فعاليات ثقافية وفنية متنوعة، منها الأمسيات الشعرية، والمعارض التراثية والعروض المسرحية التي تبرز الموروث الثقافي الليبي في مختلف مناطقه.
وأضاف الغزالي أن فعاليات كرنفال ليبيا التراثي 2025 شهدت مشاركة كبيرة من الشعراء الشعبيين والفنانين التشكيليين والحرفيين الذين قدّموا لوحات تعبر عن الذاكرة الثقافية الليبية، كما أُقيمت مسابقات في الشعر والغناء الشعبي والمأكولات التقليدية، إلى جانب عروض استعراضية للزي الليبي بمختلف أنواعه من الشرق والغرب والجنوب.
وأكد أن الهدف الرئيسي من هذه المشاركة الواسعة هو ترسيخ قيم الوحدة الوطنية عبر التراث المشترك وإبراز دور الثقافة الشعبية كجسر للتواصل بين مختلف المكونات الاجتماعية، لافتا إلى أن الإقبال الجماهيري الكبير يعكس تعطّش المواطنين لمثل هذه الفعاليات التي تعيد إحياء التاريخ الليبي بطريقة معاصرة.
مشاركات مميزة في كرنفال ليبيا التراثي 2025
وفي إطار التنوع والشمول، خصصت إدارة كرنفال ليبيا التراثي 2025 مساحة واسعة لمشاركة المرأة الليبية، خصوصا في مجالات الصناعات التقليدية والمأكولات الشعبية والفنون اليدوية.
وقالت الدكتورة ليلى الأوجلي، رئيس لجنة الأشخاص ذوي الإعاقة في الكرنفال، إن النسخة الحالية جاءت أكثر شمولا من حيث إشراك جميع فئات المجتمع، مشيرة إلى أن مشاركة النساء ذوات الإعاقة في المعارض التراثية جسدت روح الإرادة والعطاء وقدمن منتجات فنية ومقتنيات تراثية لاقت إعجاب الزوار.
وأضافت الأوجلي أن المعرض ضم ركنا خاصا للمرأة الليبية احتوى على مفروشات تقليدية وأعمال يدوية ورسومات ولوحات فنية تعبّر عن البيئة المحلية، إلى جانب عرض أزياء شعبية قديمة تعبّر عن التنوع الثقافي بين مناطق ليبيا.
وذكرت أن هذه المشاركة الواسعة للنساء تعكس دعم الكرنفال لقيم المساواة وتمكين المرأة، خصوصا في المجالات الثقافية والاقتصادية المرتبطة بالصناعات الإبداعية والتراثية.
إقبال جماهيري على كرنفال ليبيا التراثي 2025
وحظيت فعاليات كرنفال ليبيا التراثي 2025 بإقبال جماهيري كبير من مختلف الأعمار، حيث امتلأت الساحة بالزوار الذين تفاعلوا مع العروض الفنية والموسيقية والرقصات الشعبية، في مشهد يؤكد عمق الانتماء الوطني.
وتضمنت الفعاليات أركانا تثقيفية لتوعية الجمهور بأهمية الحفاظ على الموروث الثقافي والحد من اندثاره في ظل التغيرات الحديثة وتم تقديم محاضرات قصيرة عن العادات الليبية القديمة وأصول بعض المأكولات والأزياء والأمثال الشعبية التي تشكل جزءا من الهوية الجماعية.
ومن فعاليات كرنفال ليبيا التراثي اللافتة في النسخة الثانية، إقامة معرض للصور التاريخية يوثق مراحل تطور المدن الليبية، إلى جانب معرض للحرف القديمة مثل صناعة الفخار والنسيج وصياغة الفضة والنحاس، التي جذبت اهتمام الشباب الذين رأوا فيها فرصة لإحياء الحرف التقليدية كمصدر رزق مستدام.
دعم رسمي لكرنفال ليبيا التراثي 2025
شهد كرنفال ليبيا التراثي 2025 حضور عدد من الشخصيات الرسمية والثقافية، حيث أكد المشاركون أن الحدث يعد مبادرة وطنية مهمة تسهم في نشر ثقافة السلام والتعايش وتعزيز التبادل الثقافي بين المدن الليبية.
وأشاد عدد من الضيوف بجهود الهيئة الليبية للتراث والحياة البرية في تنظيم الحدث رغم التحديات اللوجستية، معتبرين أن كرنفال ليبيا التراثي 2025 يمثل خطوة مهمة في اتجاه دعم السياحة الداخلية وتحويل التراث الثقافي إلى عنصر جذب اقتصادي.
من جانب آخر، دعا المشاركون إلى ضرورة إدراج الكرنفال ضمن الفعاليات السنوية الرسمية التي تحظى بدعم حكومي، لما له من أثر إيجابي في جمع الليبيين وتعزيز التماسك المجتمعي عبر الفنون والتراث.
ولا يقتصر “كرنفال ليبيا التراثي 2025” على كونه مهرجانا احتفاليا فحسب، بل يمثل رسالة ثقافية عميقة تسعى إلى استعادة رموز الهوية الليبية وإبراز صورة إيجابية عن البلاد أمام العالم.
فالتراث الشعبي – كما يؤكد خبراء الثقافة – يشكل جزءا من القوة الناعمة لأي دولة، إذ يعزز مكانتها الحضارية ويمنحها بعدا إنسانيا وثقافيًا فريدًا. ومن هنا، يُعد الكرنفال فرصة لإعادة الاعتزاز بالتاريخ المشترك، وربط الأجيال الجديدة بجذورها الأصيلة.
ويرى متابعون أن النجاح اللافت للنسخة الثانية يمهد الطريق أمام التحضير لنسخة ثالثة أكثر شمولا تضم فعاليات دولية وورش تدريبية للحفاظ على الحرف التقليدية وتطوير الصناعات التراثية، لتكون بنغازي نموذجا رائدا في دعم الثقافة الوطنية.
واختتمت فعاليات كرنفال ليبيا التراثي 2025 بعرض جماعي شارك فيه ممثلون من مختلف المناطق الليبية، في لوحة فنية جسدت التلاحم الوطني والفرح الشعبي وعبر المشاركون عن أملهم في أن تستمر مثل هذه المبادرات التي تجمع بين الماضي والحاضر وتبني جسور المستقبل.
ويثبت كرنفال ليبيا التراثي 2025 أنه ليس مجرد مهرجان، بل هو احتفاء بروح ليبيا الأصيلة، وترجمة حية لشعار “التراث يجمعنا” الذي أصبح اليوم رمزا لوحدة الثقافة والهوية الوطنية في البلاد.

