حقق سعر الدولار الأمريكي ارتفاعا قويا خلال تداولات اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، ليسجل أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، مدعوما بتباين السياسات النقدية بين الولايات المتحدة واليابان واستمرار الحذر من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي تجاه خفض أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة.
وقد قفز مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة تقترب من 0.6%، ليبلغ ذروته منذ مطلع أغسطس الماضي، مدعوما بإقبال المستثمرين على العملة الأمريكية كملاذ آمن مع استمرار حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق المالية العالمية.
وبالرغم من التراجع الطفيف الذي سجله المؤشر في نهاية الجلسة، إلا أن أداءه القوي يعكس ثقة الأسواق في استمرار النهج الحذر للفيدرالي الأمريكي في التعامل مع مستويات التضخم الحالية.
الفيدرالي الأمريكي: الحذر قبل الخفض
وقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مؤخرا خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، في خطوة متوقعة على نطاق واسع من قبل المتابعين، لكنها لم تكن كافية لتغيير النظرة التشددية للمؤسسة النقدية.
وأوضح جيروم باول رئيس المجلس، بعد القرار، أن خفض الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل “ليس مضمونًا”، مضيفا أن البيانات الاقتصادية القادمة — ولا سيما مؤشرات التضخم وسوق العمل — ستحدد مسار السياسة النقدية في المرحلة المقبلة.
وساهم هذا الموقف الحذر في تعزيز موقع الدولار أمام معظم العملات الرئيسية، إذ قلل من توقعات السوق بشأن موجة تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة خلال 2025.
مكاسب الدولار أمام ضعف الين الياباني
وتعرض الين الياباني لضغوط ملحوظة، بعدما خفض بنك اليابان المركزي توقعاته بشأن رفع أسعار الفائدة، مفضلا الإبقاء على سياسته التيسيرية لدعم تعافي الاقتصاد المحلي.
وقد تراجع الين إلى أدنى مستوى له منذ ثمانية أشهر أمام الدولار، مع استمرار الفجوة الواسعة بين أسعار الفائدة الأمريكية واليابانية وهو ما زاد من جاذبية العملة الأمريكية لدى المستثمرين العالميين الباحثين عن عائد أعلى.
هذا المشهد جاء في إطار أوسع من تباين السياسات النقدية بين الاقتصادات الكبرى، إذ تتجه الولايات المتحدة نحو تشديد مالي تدريجي لمواجهة التضخم، بينما تواصل اليابان وأوروبا التركيز على تحفيز النمو والاستقرار النقدي.
ويوضح خبراء المال أن هذا التباين يمنح الدولار أفضلية تنافسية واضحة على المدى القريب، خاصة مع استمرار قوة الاقتصاد الأمريكي ومرونة سوق العمل، ما يجعل الفيدرالي في موقع مريح للاستمرار في نهجه الحذر دون ضغط فوري نحو التيسير.
توقعات أسعار الدولار الفترة المقبلة
التقديرات الأولية تشير أن سعر الدولار الأمريكي قد يحافظ على قوته خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تظهر بيانات اقتصادية أمريكية سلبية تتعلق بالنمو أو التضخم.
ويتوقع محللون أن يواصل المستثمرون الإقبال على الأصول المقومة بالدولار، بما في ذلك السندات الأمريكية، في ظل العوائد المرتفعة التي تقدمها مقارنةً بالعملات الأخرى.
وبالنسبة للين الياباني، فيبدو أن ضغوط الانخفاض مرشحة للاستمرار طالما لم يتخذ بنك اليابان خطوات أكثر جرأة لرفع أسعار الفائدة أو التدخل المباشر في سوق الصرف وهي خيارات لا تزال غير مؤكدة حتى اللحظة.
وبذلك يختتم الدولار الأمريكي شهر أكتوبر بمكاسب قوية، تعكس ثقة الأسواق في قدرته على الصمود أمام تقلبات الاقتصاد العالمي، في ظل استمرار عملات آسيا — وعلى رأسها الين الياباني — في مواجهة تحديات كبيرة ناجمة عن التباين في السياسات النقدية.
ومن المتوقع أن الربع الأخير من 2025 سيكون حاسما لتحديد اتجاه العملات العالمية، خصوصا إذا واصلت البنوك المركزية الكبرى اتباع سياسات متباينة بين التشديد والتيسير وهو ما قد يبقي سعر الدولار الأمريكي في موقع القوة حتى نهاية عام 2025.

